يا أهل "هِمَمْ".. لماذا الاستماتة في الدفاع الأعمى على عاشق الرجال ببلاغ هجين؟

لا شك أن الحمولة الدلالية للـ"هِمَمْ"، التي تتبناها ما تعرف بـ"الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين"، غير ما هو متداول عند العرب، وإلا ما تجاسرت لتدبج بلاغا، مررت فيه الكثير من المغالطات وضمنته ما يفيد بغير قليل من التجني على مهنة الصحافة وعلى النضال السياسي وعلى الضحايا وهي تجعل من "سليمان الريسوني"، "صحفيا مستقلا وصوتا ناقدا للنظام السياسي".
وإذ لا يتسع المقام للتناظر مع من أعلنوا أنفسهم مطبِّعين مع جريمة "سليمان الريسوني"، ونصًّبوا "هيئتهم" الافتراضية للدفاع عنه، فإن هناك ما يقال للرد على هذا البلاغ الهجين، الذي جاء ليؤكد بالملموس أن في هذا المغرب غوغاء، في وادٍ غير وادي الوطن، ترى ما لا يراه الأسوياء، ويسعون أيَّما سعي لهدم كل المباديء والأعراف، تحركهم عواطف غبية وجهل مركب، ليسارعوا بنا نحو الفتنة والفساد ونشر الشر.
وإلى هؤلاء هذا السؤال البديهي.. أين هي "الهمَّة" فيما قام به "سليمان الريسوني"، الذي تدثر بجُبَّة "الصحفي"، واستدرج مثليا إلى منزله بعدما أوهمه بأنه ينوي إنتاج محتوى خاص عن المثلية في المغرب، ثم اشتدت جذوة غريزته الجنسية المنحرفة، فحاول النيل منه عبر مواقعته كرها؟
ثم، أين هي حقوق الضحية "آدم"، الذي تحدى كل الصعاب ليعلن نفسه "مثليا" أمام الجميع، وكشف عن وجهه، وقدم روايته للأحداث كما وقعت بينه و"سليمان الريسوني" بمحضر زوجته، وبعدما غادرت، وفصل بين الشك واليقين، وهو يسمع المغاربة فحوى الرسائل الصوتية التي دارت بينه وبين من راوده عن نفسه، والذي ظل يتوسل بعبارته الشهيرة وبصوته الذي لا يخطئه أحد "Pourquoi tu dramatises les choses ?"؟.
أوَليس للضحية حق في مراجعة العدالة مثل أي ضحية للاقتصاص ممن اقترف في حقه ما ينتقص من كرامته وما يدوس عليها؟ أم أن لـ"سليمان الريسوني" أن يقوم بما شاء وأن يرتكب ما يروق له، لأنه يمت بصلة صداقة أو معرفة مع من يشرفون على هذا التجمع الذي تطلقون عليه "الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين"؟.
وإذ تقول هيئة "هِمَمْ" أن فيما يكتب عن "سليمان الريسوني"، لهو تعبير عن "رغبة واضحة في إسكات كل من يجرؤ على الدفاع عن حرية التعبير وفضح الاختلالات في السلطة"، فإن في ذلك كلام كبير لربَّما أكبر من أحجام عقول من دبَّجوا البلاغ، وقد اختلط عليهم الحابل بالنابل، ووجدوا مداد الحاسوب متاحا ليرقنوا ما شاؤوا دون أن يخطر ببالهم أن يفرضوا رقابة ذاتية على ما رقنوه.
فهل فيما تجنى به "سليمان الريسوني"، حين ارتمى في أحضان صحيفة معادية للوطن، على كل مؤسسات هذا الوطن وإعلامه، ما يشي بأنها "مواقف شجاعة" وبأنه ينزِّل بذلك "التزامه بالدفاع عن الحريات الأساسية"؟ هل من سوَّغَ لنفسه تحريف جريمته ومتابعته التي شهدت كل مراحل التقاضي، والدفع بكونه معتقلا سياسيا، ما يحيل على أن واجه ما اتهم به بصدر عار، أم أن في ذلك خِسَّة تروم النيل من الوطن ومؤسساته وإعلامه عبر صرف الأكاذيب؟
لماذا لم يُحِل "سليمان الريسوني" على التهمة التي توبع بها لا من بعيد ولا من قريب، وهو يتحدث مع "فرانسيسكو كاريون"، وهو أعلم بأن هذا "المارق" يدور في فلك أعداء الوطن مثل المارق مثله "إغناسيو سومبريرو"؟ وقبل كل هذا أن ما كتب على "El Independiente" غير موجه البتة للاستهلاك المغربي بقدر ما هو موجه للخارج حتى تتلطخ صورة وسمعة المغرب والقائمين على شؤونه؟
هل ما عبَّر عنه "سليمان الريسوني" من تهجمات طالت الملك ومؤسسات الدولة، على صفحات الصحيفة التي تعادي المغرب وتنبري لمساندة الأطروحة الانفصالية، يصدق عليه وصف "الاختلاف في الآراء"، أم أن في ذلك وضاعة وتعبير صريح عن قرار اتخذه بمحاباة أعداء الوطن على حساب هذا الوطن؟
وقد يكون صوت "سليمان الريسوني"، مزعجا بقدر الأكاذيب التي تند من فمه؟ ولهذا فإن وسائل الإعلام الوطنية تصدَّت لهذه الأكاذيب، حسبها في ذلك إظهار زيف ادعاءاته وتبديد المغالطات التي يرددها بمناسبة ودونها ونسف كل افتراءاته، التي يتحين الفرص للرطن بها، في خوف مكين من أي مواجهة مع من يستطيع إلزامه حده؟
ثم، لم تروم هيئة "هِمَمْ" أن تصادر لمؤسسة مثل "المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج"، حقها في أن تقارع أكاذيب "سليمان الريسوني" ببلاغ ضمنته حجة لا ينكرها إلا أهطَل، وقد تمادى المطبِّعون مع رذيلة "الصحفي" لحد جعلهم يصفون بلاغ المندوبية بـ"المزيَّف"؟
إن ما يجري مع "سليمان الريسوني"، لهو أمر يسعى لإبراز الحق فوق رغوة الباطل التي ينثرها هنا وهناك، وما قامت به وسائل الإعلام الوطنية لهو المفترض في وطنيين ساءهم ما تلفظ به في حق وطنهم ومؤسساته وقبل كل هذا في قيادته الرشيدة، لكن أن نغطي الشمس بالغربال، فذاك أمر يصدق على الملتئمين والمختبئين وراء عبارة "هِمَمْ" رغم أن لا هِمَّة في البلاغ الذي اقترفوه.