المغاربة بين مطرقة أسعار النفط وسندان الأرباح المتصاعدة.. هل تتخذ الحكومة تحركات حاسمة؟

رغم التراجع الطفيف في أسعار مادتي الغازوال والبنزين في محطات الوقود المغربية، إلا أن الفارق بين أسعار المحروقات في الأسواق العالمية ونظيرتها المحلية ما زال يتسع بشكل ملحوظ.
ورغم انخفاض سعر برميل النفط عالميًا خلال الأشهر الأخيرة، فإن التأثير على الأسعار المحلية للمحروقات ظل محدودًا، إذ لم يتجاوز التخفيض 30 سنتيما في سعر اللتر الواحد، مما رفع مستوى الغضب والتساؤل بين المستهلكين حول هذا التفاوت.
وفي هذا الصدد، أكد الحسين اليماني الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، في تصريح مكتوب توصلت به الجريدة 24، أن أرباح الفاعلين في قطاع المحروقات ما زالت مرتفعة، بل وتتخطى الدرهمين في اللتر الواحد.
وأضاف اليماني، أن الحكومة إن قررت الرجوع لتسقيف وتحديد أسعار المحروقات، على قاعدة الحسابات التي كان معمولا بها قبل نهاية 2015، فإن ثمن لتر الغازوال، في محطات التوزيع بالمغرب، يجب ألا يتعدى 9.83 درهما، وثمن لتر البنزين يجب ألا يتعدى 10.92 درهما، وذلك خلال النصف الأول من شهر أكتوبر 2024.
وبناء على لوحات محطات التوزيع في المحمدية والنواحي، التي لا يقل ثمن الغازوال فيها عن 11.80 (+2 دراهم) وثمن البنزين عن 13.70 (+2.78 درهم)، أكد اليماني بأن أرباح الفاعلين ما زالت مرتفعة، وذلك رغم التقارير المنمقة لمجلس المنافسة والمحاولات اليائسة لبعض المواقع والخبراء تحت الطلب، لتطبيع المغاربة مع الأرباح الفاحشة المحروقات في المغرب، التي لا تقل عن 8 مليار درهم سنويا.
وبتحليل الثمن الحالي للغازوال، الذي يظل أكثر استهلاكا في المغرب، حسب اليماني، فإن السعر يتكون من 38٪ فقط من ثمن النفط الخام، في حين تقسم 60٪ من الثمن بين أرباح الفاعلين (22٪) والتكرير والضرائب والتوصيل (38٪).
هذا الأمر، حسب اليماني، يبين بأن الحكومة في مقدورها، تخفيض أسعار المحروقات، من خلال تنزيل أرباح الموزعين والعودة لتكرير البترول في المغرب بإحياء شركة سامير، وبمراجعة الثقل الضريبي على المحروقات.
وأبرز الكاتب العام، أن الاستمرار في التفرج أو التشجيع على سرقة جيوب المغاربة، مقابل الكسب غير المشروع للفاعلين في القطاع، تتحمل فيه المسؤولية الحكومة الحالية، التي ترفع شعار الدولة الاجتماعية، مقابل افتراس القدرة الشرائية لعموم المغاربة واستمرار موجة الغلاء، المرتبطة أساسا بارتفاع أسعار المحروقات.
في سياق متصل، كشفت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، عن معطيات جديدة بشأن سوق المحروقات المغربي، حيث أعلنت عن منح تراخيص لـ16 شركة جديدة لتوزيع المواد البترولية السائلة، مما يرفع عدد الفاعلين في هذا القطاع إلى 35 موزعًا.
وأكدت المتحدثة ذاتها، في عرض حول الاستراتيجية الطاقيةفإنه تم إعطاء الموافقة المبدئية لـ8 شركات جديدة لممارسة نشاط توزيع المواد البترولية، موضحة أن 78 في المئة من محطات الخدمة المحدثة من طرف شركات التوزيع الجديدة تمت بالوسط القروي.
وعلى الرغم من الجهود الحكومية في دعم الفاعلين الجدد، خصوصًا في المناطق القروية التي شهدت إنشاء 78% من المحطات الجديدة، حسب ليلى بنعلي، إلا أن التأثير على الأسعار لم يكن كبيرًا بعد.
فمنذ بداية الولاية الحكومية الحالية، أوضحت ذات المتحدثة، أنه تم إنشاء 590 محطة جديدة، مما أتاح خلق 2950 فرصة عمل واستثمار ما يزيد عن 1.77 مليار درهم.
من جهة أخرى، تعمل الحكومة على تعزيز القدرات التخزينية للمحروقات لتأمين الاستهلاك الوطني وضمان استقرار السوق في مواجهة الاضطرابات العالمية، وفقا لعرض ليلى بنعلي.
وتابعت المتحدثة ذاتها، أن الجهود الحكومية أسفرت عن زيادة قدرات التخزين بمقدار 1.011 مليون متر مكعب من خلال استثمارات بلغت 2.8 مليار درهم، ما يتيح تأمين استهلاك 20 يومًا إضافيًا من الغازوال و28 يومًا من البنزين و16 يومًا من غاز البوطان.
وفي خطوة لكبح أسعار المحروقات بالمغرب، كشفت الوزيرة أن لجنة تقنية بالتعاون مع صندوق المقاصة، تهدف إلى وضع خطوط فاصلة بين المخزون التجاري، الاحتياطي، والاستراتيجي.
هذه الخطوة لا تقتصر على التنظيم فقط، حسب المتحدثة ذاتها، بل تحمل في طياتها سلاحًا لمواجهة أي ارتفاع مفاجئ في أسعار النفط عالميًا.