صفحة جديدة في الحوار الاجتماعي.. هل ستجلب الأمل للمتقاعدين والعمال؟

تتجه الأنظار في المغرب نحو جلسة الحوار الاجتماعي المرتقبة في شهر أكتوبر الجاري، حيث ستكون قضية قانون الإضراب وإصلاح نظام التقاعد على رأس جدول الأعمال، بعد تأجيل سابق بسبب انشغالات رئيس الحكومة عزيز أخنوش خارج البلاد.
وتحت مظلة "الشبكة المغربية لهيئات المتقاعدين"، اجتمعت مجموعة من التنظيمات لرفع صوت المتقاعدين، مطالبين بزيادة المعاشات وتحسين شروط الحياة التي يعانون منها.
في مؤتمر صحافي عُقد مؤخرًا بالرباط، أبدى المتقاعدون استياءً واضحًا من تجاهل الحكومة لمطالبهم، مؤكدين على ضرورة وضع قضاياهم في صميم الحوار المقبل.
كما أشاروا إلى أهمية الحصول على خدمات مجانية في مجالات الصحة والنقل، بالإضافة إلى تخصيص أندية رياضية لمساعدتهم في الاستمتاع بمرحلة التقاعد.
ويشعر المتقاعدون بأنهم تعرضوا للتهميش والإقصاء من أي زيادات في الأجور، وخاصة بعد اتفاق 29 أبريل الأخير، الذي لم يتضمن أي زيادة في معاشاتهم، مما جعلهم يشعرون وكأنهم "منسيون" في حسابات الحكومة، رغم سنوات خدمتهم الطويلة.
وعبرت عدد من التنظيمات النقابية، عن استيائها الشديد من تهميش هذه الفئة، حيث تم تحميل الحكومة مسؤولية الظروف المعيشية الصعبة التي يواجهها المتقاعدون.
معتبرين أن تجاهلهم لزيادة المعاشات يعد بمثابة نكران للجميل لكل من ساهم في بناء البلاد ودعم اقتصادها.
الانتقادات لم تتوقف عند الحكومة الحالية فقط، بل شملت جميع الحكومات المتعاقبة، التي تم اتهامها بتبني سياسات تهميشية تجاه المتقاعدين.
مؤكدين هذه السياسات أثرت سلباً على جودة حياتهم، وتركتهم يصارعون من أجل الحصول على حقوقهم المادية.
وتشير التوقعات إلى أنه سيتم فتح صفحة جديدة للحوار الاجتماعي، بعد أن كان من المتوقع عقد الجلسة في شهر شتنبر الماضي.
ويترقب الجميع بفارغ الصبر ما سيقدمه أخنوش من رؤية شاملة للإصلاح، خاصة مع التصريحات المتكررة حول ضرورة اعتماد نظام تقاعد مزدوج بين CNSS وكنوبس.
يبقى التساؤل قائماً: هل ستلتزم الحكومة بوعودها، أم أن هذه الجولة ستنتهي كما سابقتها دون تحقيق تغيير حقيقي يذكر؟
وفي المقابل، وجهت النائبة البرلمانية خدوج السلاسي باسم الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، سؤالا كتابيا إلى وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، مفاده أن فئة من المواطنين والمواطنات تفانوا في خدمة بلادهم على اختلاف مواقعهم الوظيفية ومراتبهم المهنية، لا يحتجون ولا يتظاهرون ولكنهم يتوقعون، ياملون أن تشملهم الزيادة في معاشاتهم اسوة بباقي المواطنين، وهم المتقاعدون والمتقاعدات.
وأكدت النائبة البرلمانية في معرض سؤالها، أنه بالإضافة إلى الارتفاع الملحوظ في مستوى العيش الذي يشملهم كما يشمل غيرهم، فإن هذه الفئة تعاني من مجموعة المشاكل الإضافية الصحية والنفسية والاجتماعية بعد مسار طويل من الكد والاجتهاد، تستحق ان تلتفتوا إليهم تكريما لمساراتهم واعترافا بمجهودهم المبذول من أجل الوطن وإحقاقا للعدالة والتكافؤ بينهم وبين غيرهم، مبرزة أن الوطن يكبر في عين الشباب عندما يرى هؤلاء حسن تعامل الوطن مع المسنين والمتقاعدين.
وتساءلت خدوج السلاسي، عما تعتزم الحكومة القيام به من مبادرات عاجلة من أجل تحسين الوضع المادي لهذه الفئة من المواطنين والمواطنات وضمان الحد الأدنى من العيش الكريم لهم لما تبقى من عمرهم بعد عمل طويل.
من جانبها، حذرت المركزيات النقابية، بما في ذلك الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، من غياب خطط واضحة من الحكومة بشأن قانون الإضراب، مما أدى إلى إحباط واسع.
في جلسة الحوار المقبلة، ستسعى النقابات لمناقشة التعديلات المقترحة على القانون، وتركز على مسألة مدة الإخطار بالإضراب، إذ يعتبرون أن هذه الفترة يجب أن تكون قصيرة لضمان حقوقهم، بكون أنه حينما يخرق الحق النقابي ويطرد النقابيين ليس هناك إخطار لرب العمل لا يطبق مدونة الشغل.
فيما أعربت الحكومة، مرارا من خلال وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس سكوري، عن تصميمها على دراسة مطالب النقابات بجدية.
فقد أكد الوزير أن الحكومة ليست بعيدة عن الحوار بشأن قانون الإضراب، مما يفتح الأبواب أمام نقاشات مثيرة قد تغير مجرى العلاقات بين الأطراف المعنية.
ويتضح أن مشهد الحوار الاجتماعي في المغرب يكتنفه الكثير من التوتر والتحديات، حيث يبقى الجميع في انتظار نتائج هذه الجلسة وما ستسفر عنه من قرارات قد تغير مستقبل الطبقة الشغيلة.