زواج القاصرات في المغرب.. إحصائيات صادمة وتحديات مستمرة

في خضم مجتمع يموج بالتغيرات والتحديات، تظل ظاهرة زواج القاصرات في المغرب واحدة من القضايا التي تفجر الجدل مع كل نقاش يُثار حولها.
خلف الأرقام والإحصائيات تختبئ قصص لفتيات صغيرات يجبرن على التخلي عن طفولتهن ومقاعد الدراسة ليجدن أنفسهن في عالم الزواج والمسؤوليات الجسيمة.
ويطرح زواج القاصرات، تحديات كبيرة على مستوى المجتمع، حيث يؤدي إلى تفاقم مشاكل مثل الفقر، والانقطاع عن التعليم، وتهميش دور المرأة في المجتمع.
هذه الإشكالية لا تتعلق فقط بخرق قوانين أو تجاوزات اجتماعية، بل تمتد لتساؤلات عميقة حول مصير أجيال كاملة من الفتيات اللاتي قد يفقدن فرصتهن في حياة أفضل، في ظل ثقافة لا تزال تعتبر الزواج المبكر حلاً مقبولاً لمشاكل الفقر والجهل.
وفي هذا الصدد، كشف وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، اليوم الاثنين، عن عدد من الإحصائيات حول ظاهرة زواج القاصرات في البلاد، مبرزاً أن 60 في المائة من طلبات الزواج من القاصرين يتم الموافقة عليها من قبل القضاة، وهو ما أثار تساؤلات حول فعالية التشريعات الحالية في حماية حقوق الفتيات الصغيرات.
هذا الموضوع الحساس أثار جدلاً كبيراً داخل قبة البرلمان وخارجها، خصوصاً بعد الكشف عن إحصائيات صادمة تتعلق بهذا الملف.
وأوضح وهبي في مداخلته بمجلس النواب، أن الغالبية العظمى من الطلبات المقدمة لزواج القاصرات تتعلق بالإناث، حيث تصل النسبة إلى 99 في المائة، مقابل 1 في المائة فقط تخص الذكور.
وأضاف وزير العدل، أن 97 في المائة من هؤلاء الفتيات اللاتي يتقدمن بطلبات الزواج يتوقفن عن الدراسة، وهو ما يفتح الباب للتساؤل حول مصير هذه الفتيات ومستقبلهن في ظل الاضطرار للزواج في سن مبكرة.
ووصف الوزير هذه الظاهرة بأنها "مصيبة" تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم، معترفاً بصعوبة إيجاد حلول سريعة وفعالة لها.
كما كشف عن توجه الحكومة نحو تجريم زواج القاصرات في إطار التعديلات المرتقبة على القانون الجنائي الجديد، لكنه أوضح أن المشكلة تمتد إلى مدونة الأسرة، التي تُعد بين يدي الملك حالياً، مما يعكس أهمية هذا الملف وحساسيته داخل المجتمع المغربي.
المثير في تصريحات الوزير هو إشارته إلى أن حتى سن الزواج القانونية، المحددة في 18 سنة، قد تكون غير كافية في نظره، مشيراً إلى أن الأولوية يجب أن تُعطى لتعليم الفتيات وتوفير فرص لهن للنجاح في مسارهن الدراسي.
ووفقاً لوهبي، فإن مكان المرأة في البداية يجب أن يكون في المدرسة وليس في إطار الزواج المبكر، داعياً إلى تغيير النظرة المجتمعية التي تروج لفكرة الزواج كخيار مبكر.