عندما تتحول الكلاب الضالة إلى خطر قاتل.. مأساة أكادير تدق ناقوس الخطر في المغرب

توقف قلبه، ومعه توقف أمل عائلة كاملة... لم يكن أحد يتخيل أن عضة كلب مسعور قد تنهي حياة شاب في مقتبل العمر، لتفجر غضباً في الشوارع والمواقع الاجتماعية، وتعيد إلى الواجهة كابوس الكلاب الضالة التي تجوب الأحياء بحرية، ناقلةً معها خطرًا مجهولًا يتربص بالسكان.
في حادث مأساوي وقع بمدينة أكادير، توفي شاب في العشرينيات من عمره، يوم أمس السبت، إثر إصابته بفيروس السعار بعد تعرضه لعضة كلبه الذي كان قد التقط الفيروس من كلاب ضالة تتجول في حي الخيام.
لم تكن العلاجات التي تلقاها الشاب كافية لإنقاذ حياته، مما أثار موجة من الغضب والحزن بين أفراد المجتمع.
الحادث الذي وقع يوم أمس السبت في حي الخيام بأكادير، أشعل موجة من الغضب والاستياء على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ عبر مواطنون وناشطون جمعويون عن مخاوفهم من استمرار انتشار ظاهرة الكلاب الضالة التي تهدد السلامة العامة، مطالبين بتدخل عاجل لحل هذه الأزمة قبل أن تزهق المزيد من الأرواح البريئة.
وقد سلط الحادث الضوء على المشكلة المستمرة التي يعاني منها العديد من المدن المغربية، حيث أصبحت الكلاب الضالة تتواجد بشكل مكثف في الأحياء السكنية والشوارع العامة، مما يثير قلق المواطنين خاصة مع ارتفاع مخاطر انتقال أمراض خطيرة، أبرزها داء السعار.
هذه الظاهرة لم تعد خفية على السلطات، إذ سبق أن أقر وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، بأهمية وخطورة الكلاب الضالة كعامل رئيسي في نقل العديد من الأمراض المميتة، مشيرًا إلى أن مكافحة هذه الظاهرة تقع في نطاق اختصاصات المجالس الجماعية التي تتولى مسؤولية حماية الصحة العامة.
وفي استجابة لتزايد الشكاوى، أوضحت وزارة الداخلية في وقت سابق خلال جواب كتابي لعبد الوافي لفتيت أن هناك جهودًا لتخصيص موارد مالية لتعزيز قدرات المجالس الجماعية في التعامل مع الكلاب الضالة.
وقد أفاد لفتيت في معرض جوابه الكتابي عن سؤال للنائبة عزيزة بوجريدة من الفريق الحركي، أنها خصصت خلال السنوات الخمس الماضية ما يقرب من 70 مليون درهم لشراء سيارات ومعدات لجمع ومحاربة الكلاب الضالة، وتم تخصيص جزء من هذا المبلغ في عام 2024 تحديدًا لجماعة مراكش، إذ جرى شراء سيارات مجهزة وعتاد تقني للمساهمة في جمع هذه الحيوانات والتعامل معها.
من جهة أخرى، أكد وزير الداخلية أن هناك مساعٍ لمعالجة الظاهرة عبر اعتماد مقاربة علمية ترتكز على عمليات التعقيم والتلقيح للكلاب الضالة، بهدف تقليل أعدادها تدريجيًا وضمان استقرارها قبل أن تبدأ بالانخفاض.
ووفقًا لبرنامج الشراكة الموقع بين وزارتي الداخلية والصحة والمكتب الوطني للسلامة الصحية، فقد تم وضع خطة عمل مندمجة للتعامل مع الكلاب الضالة خلال الفترة من 2023 إلى 2025، تتضمن حملات واسعة لتعقيم وتلقيح هذه الكلاب لمنع انتقال السعار.
ولتحقيق التفعيل الفعلي لهذه الاتفاقيات، أكد لفتيت في معرض سؤاله، أن وزارة الداخلية تعمل على دعم العديد من الجماعات الترابية لإقامة وتجهيز محاجز جماعية أو إقليمية لحجز الكلاب والقطط الضالة وتعقيمها، وقد وصلت الاعتمادات المالية المرصودة لهذا الغرض حتى نهاية العام الماضي إلى نحو 70 مليون درهم،
مضيفا: أن مثل هذا الدعم يأتي في إطار مشروع الوزارة الهادف إلى إنشاء 130 مكتبا جماعيا لحفظ الصحة في مختلف المناطق بحلول عام 2025، وذلك لتدارك النقص الحاصل في التجهيزات الصحية.
وفي خطوة إضافية لتوسيع نطاق التعاون الدولي في هذا المجال، كشفت الوزارة عن مشروع بروتوكول تفاهم مع معهد باستور الفرنسي للاستفادة من خبراته في السيطرة على ظاهرة الكلاب الضالة، إضافة إلى تفعيل شراكة مع معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة لتعزيز البحث العلمي في هذا المجال.
ورغم هذه الجهود، يظل التحدي الأكبر هو التنفيذ الفعلي لهذه المبادرات والتزام جميع الجهات المعنية بتنفيذ البرامج المتفق عليها، إذ لا تزال مطالب الشارع تصدح بضرورة الإسراع في التصدي لظاهرة الكلاب الضالة قبل أن يتكرر المشهد المأساوي في أكادير بمناطق أخرى.