بين وعود الحكومة وغضب المعارضة.. أزمة البطالة تشتعل في قبة البرلمان

في مشهد برلماني مشحون، تصاعدت حدة الانتقادات من المعارضة ضد الحكومة، متهمة إياها بعدم القدرة على احتواء أزمة البطالة التي تتفاقم يوماً بعد يوم.
ووصف نواب المعارضة الوضع بـ"الكارثي"، قائلين إن الأرقام والإحصائيات الرسمية تكشف "فشلًا ذريعًا" للحكومة في خلق فرص عمل حقيقية وتحقيق وعودها الانتخابية.
انتقادهم لم يكن مجرد كلمات، بل حمل تساؤلات محرجة حول استراتيجيات الحكومة وفعاليتها في معالجة واحدة من أكثر الأزمات إلحاحًا.
في ردوده، سعى يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، خلال أشغال الجلسة الشفهية بمجلس النواب، لتقديم صورة توضح الجهود الحكومية المبذولة في هذا المجال، مسجلاً أن “الاقتصاد الوطني استطاع خلق حوالي 96 ألف وظيفة جديدة في النصف الأول من العام الجاري، في قطاعات مثل الصناعة والصناعة التقليدية والخدمات والبناء".
إلا أن السكوري لم ينكر التحديات، حيث أقر بأن أكثر من 150 ألف وظيفة ضاعت في العالم القروي، نتيجة للظروف المناخية القاسية التي ألقت بثقلها على الاقتصاد القروي وزادت من معدلات البطالة بين الشباب الذين يعانون بالفعل من قلة الفرص وانعدام التدريب المهني.
وأوضح الوزير أن الحكومة خصصت 14 مليار درهم في مشروع قانون المالية للعام المقبل لمعالجة أزمة البطالة. هذه الميزانية تهدف إلى تثبيت فرص العمل في المناطق الريفية بمليار درهم، وخصصت 10 مليارات درهم لدعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة، علاوةً على برامج نشيطة مخصصة للتشغيل.
ومع ذلك، لم تتمكن هذه الأرقام من تهدئة انتقادات المعارضة التي رأت فيها إجراءات غير كافية تفتقر إلى الاستدامة والفعالية على المدى الطويل.
وفي ظل هذه الانتقادات، شدد الوزير على أن الحكومة تولي أولوية لتشغيل الشباب، خصوصًا في الصف الثاني من ولايتها. وقد أشار إلى أن “الأغلبية العظمى من العاطلين في المناطق القروية، الذين يبلغ عددهم 200 ألف سنويًا، لا يحملون دبلومات، مما يحد من فرصهم في الاستفادة من برامج التشغيل الرسمية”.
ومع العلم أن حوالي 900 ألف من إجمالي 1.6 مليون عاطل في المغرب لا يحملون أي شهادة، أدركت الحكومة الحاجة الملحة لتغيير شروط الاستفادة من البرامج، حيث تم حذف شرط الحصول على الدبلوم لمساعدة المقاولات والتعاونيات على توظيف الشباب غير الحاصلين على مؤهلات أكاديمية.
استمرارًا في هذا التوجه، أكد السكوري أن الحكومة خطة تعتمد على مبدأ التدرج المهني، حيث يمكن للشباب اكتساب المهارات بشكل عملي داخل بيئة العمل نفسها، دون الحاجة إلى خلفية تعليمية أكاديمية.
ومع ذلك، يرى البعض أن هذه الخطة قد تكون خطوة متأخرة ولا تلبي احتياجات الأعداد المتزايدة من العاطلين، مما يجعل مستقبل السوق الوظيفي في المغرب على المحك، ويفتح المجال أمام مزيد من التساؤلات حول قدرة الحكومة الفعلية على مواجهة الأزمة، وسط تصاعد الضغوط السياسية والمجتمعية.