هكذا تفوق "المتنبي" على "عبد الإله بنكيران" في الشجاعة

هشام رماح
"قتلتني قاتلك الله"، هكذا قال "أبو الطيب المتنبي"، لغلامه قبل أن يذهب إلى حتفه بعدما ذكره ببيته الشهير كيف تهرب وأنت القائل "الخيل والليل والبيداء تعرفني.. والسيف والرمح والقرطاس والقلم".. وإن مات المتنبي فهو حتما أعطى درسا للمنافقين بأنه انتصر رغم هزيمته، حينما تحلى بالشجاعة لإثبات ما ظل يدعيه.
مدعاة سوق هذا المثل على الشجاعة التي تحلى بها شاعر نرجسي، هو ما نَدَّ عن فم "عبد الإله بنكيران"، الذي حذفه المغاربة من خواطرهم، وراح يبحث عن العودة عبر الضرب في سعد الدين العثماني، أخوه في حزب "العدالة والتنمية"، متناولا توقيع الأخير على اتفاق إحياء العلاقات المغربية مع إسرائيل.
لكن ومثلما كانت الشجاعة لـ"أبو الطيب المتنبي"، في مواجهة الموت بصدر عار، فإن "عبد الإله بنكيران"، يفتقر لها أيَّما افتقار، اللهم إنه يجيد ويتفنن كثيرا فيما تصفه الدارجة المغربية بـ"التقلاز من تحت الجلاَّبة"، وقد قال في تجمع خطابي بمدينة الدار البيضاء، "لّي خاصو يعتذر هو الأخ الفاضل والدكتور الكبير سعد الدين العثماني"، الذي كان وراء توقيع الاتفاق مع إسرائيل.
وإنها لواحدة من العنتريات التي عرف بها "عبد الإله بنكيران"، الذي اعتاد الاصطياد في المياه العكرة، واصطياد الإخوة، الذين شاطروه وشاطرهم المشوار في حزب "العدالة والتنمية"، لكن رئيس الحكومة الأسبق، الذي لا يزال يسترزق من مروره في السلطة التنفيذية، لربما غاب عنه أن المواقف تسجل عليه، وأنه لن يستطيع الكذب على الجميع، بالتباكي واستدرار التعاطف.
أوَ ليس "عبد الإله بنكيران"، من سبق وقال، في 22 دجنبر 2020، مخاطباً أعضاء حزب "المصباح" إن "التواجد في السلطة يعني أنك جزء من الدولة"... وبأن "الصورة الوطنية على المحك، ويجب احترام المؤسسات، ولا يمكن للمسؤول الثاني في الدولة أن يكون ضد المسؤول الأول".
فهل يظن "عبد الإله بنكيران"، أنه بالزعيق والهرطقة، يستطيع أن يحول الدفة بعيدا عن مواقفه المتناقضة، وهو يحاول رمي أخيه سعد الدين العثماني، بسهام الخيانة، يريد أن يثخنه بالجراح في سبيل أن يجمّل وجهه؟
ثم ألا يدري "عبد الإله بنكيران"، أن الناس فطنت له ولأسلوبه المارق حينما يكفر من يشاء ويطوّب من يشاء وفق الأهواء، ووفق "الموجة" التي يستمع إليها.
ولا ريب أن شيخ "العدالة والتنمية"، يتفوق على ما دونه في إتيان الشيء ونقضيه، وادعاء ما لا يفعل، فكما أنه يرطن بأنه يضع مصالح الوطن فوق أي اعتبار، لا ينفك عن الانقلاب متى ظهر له أن في ترديده لأسطوانة الذود عن غزة قد يحقق مآرب عديدة أكثر مما قد يحصده في دفاعه عن تازة.
لقد أحيا المغرب علاقاته مع إسرائيل، إبان حكومة سعد الدين العثماني، وذاك حسبه فهو بلد ذو سيادة لا يملي عليه أحد ما يريد ولا يمنعه أحد من بلوغ مراميه وفق منظور قائم على احترام القضية الفلسطينية ودعم الفلسطينيين
لكن المزايدة التي ينبري لها "الشيخ"، الذي يأكل الغلة ويسب الملة، من ركنه القصي في صالونه أو متى انتصب مخاطبا الجموع المغيَّبَة، لهو أمر مقيت يشي بجبن المنافقين.