من منظور الخبراء.. هكذا يرسخ المغرب سيادته على الصحراء في مواجهة مناورات الخصوم

الكاتب : انس شريد

31 أكتوبر 2024 - 10:00
الخط :

وسط تزايد الاعترافات الدولية بحق المغرب في سيادته على الصحراء، برزت إنجازات المملكة كقصة نجاح تثير الاهتمام، قصة استثنائية تتحدى العقبات وتكسب المؤيدين رغم حملات التضليل والمحاولات اليائسة لجبهة البوليساريو وداعمتها الجزائر.

بينما ظلت الأخيرة تحاول لسنوات تمرير رواياتها المغلوطة على الساحة الدولية، كان المغرب يسجل خطواته بثقة وحكمة، ويكسب احترام الدول واحدة تلو الأخرى.

إنجازات المغرب لم تكن مجرد مكاسب دبلوماسية، بل امتدت إلى صلب الواقع على الأرض، حيث تمكن من تأكيد سيطرته وتنفيذ مشروعات تنموية غيّرت حياة السكان المحليين، وأظهرت نموذجاً فريداً للاستقرار والتنمية في الأقاليم الجنوبية كانت تُعتبر في الماضي موضع توتر.

ومع كل دعم دولي جديد، تتضاءل المساحة أمام خصوم المغرب، الذين يجدون أنفسهم محاصرين أمام توالي القرارات الدولية والتأييد المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي ومقبول.

جاءت هذه الاعترافات من دول ذات ثقل سياسي واقتصادي، مؤيدة لموقف المغرب وسيادته على الأقاليم الجنوبية، وسط تزايد الدعم الدولي للمقترح المغربي للحكم الذاتي كحل نهائي للنزاع، خصوصًا بعد اعتراف الولايات المتحدة وإسبانيا بسيادة المغرب، واتباع دول أخرى نفس المسار آخرها فرنسا

في الندوة العلمية الوطنية التي نظمها "البيجيدي" يوم الخميس، حول قضية الصحراء المغربية، انكشفت جوانب مذهلة من النجاحات التي حققتها المملكة في دفاعها عن وحدتها الترابية.

وتحدث خبراء ومحللون سياسيون عن إنجازات المغرب التي تزداد رسوخاً على الصعيد الدولي، رغم كل المناورات التي دأب عليها نظام الكابرانات والبوليساريو لتعطيل هذا المسار.

بعيون تحليلية ونبرة متفائلة، استعرض المشاركون كيف استطاعت المملكة مواجهة محاولات التشويه والتآمر بقوة استراتيجية دبلوماسية وسياسية فريدة، إذ رسخت صورتها كقوة إقليمية محترمة، وعززت علاقاتها مع دول العالم، منتقلةً بقضية الصحراء إلى مرحلة "التغيير" التي وصفها الملك محمد السادس.

ويرى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، سعيد الصديقي، أن قضية الصحراء لم تكن السبب في توتر العلاقات بين المغرب والجزائر، بل هي نتيجة للصراع السياسي بين الدولتين.

واعتبر أن الحوار هو السبيل الأفضل لتحقيق الاستقرار، مؤكدًا أن “اليد الممدودة” التي دعا إليها الملك محمد السادس، هي الطريق الأكثر فعالية واستدامة لحل النزاع بتكلفة أقل.

وبالنسبة للصديقي، فإن غياب منظمة إقليمية قوية في المنطقة المغاربية زاد من الفوضى، لكنه استبعد أن يؤدي هذا الوضع إلى حرب مباشرة.

وأشار الصديقي إلى أن المغرب قد تبنى استراتيجيات مرنة وقوية في الدفاع عن مصالحه، مشدداً على أن المملكة، من خلال تقديمها لمقترح الحكم الذاتي للصحراء عام 2007، قد قدمت بديلاً واقعيًا وقابلاً للتنفيذ، خصوصاً في سياق تحول النظام العالمي إلى نظام متعدد الأقطاب، مما أتاح للمغرب مساحة أكبر للتحرك.

وقد استشهد الصديقي بنجاح المغرب في فرض سيطرته على بعض المناطق الحيوية كمعبر الكركرات، حيث استطاع إحباط محاولات البوليساريو لعرقلة حركة المرور، بفضل دعمه القوي من قبل حلفائه الإقليميين والدوليين.

على الجانب الآخر، يعتقد أحمد نور الدين، الخبير في العلاقات الدولية والمتخصص في ملف الصحراء، أن جبهة البوليساريو الانفصالية تعاني من تفكك داخلي، مشيرًا إلى أن الجزائر، بالرغم من أزماتها الداخلية، تستمر في دعم المشروع الانفصالي.

ويعزو نور الدين اندحار البوليساريو إلى فقدانها لداعميها السابقين مثل نظام معمر القذافي، مما أثر على الجبهة ودفع العديد من الدول لإعادة النظر في موقفها من القضية.

كما كشف أحمد نور الدين أن المغرب اليوم يقف على أرضية دعم دولي صلبة، مدعوماً بتحالفات استراتيجية مع دول عربية وإفريقية وأوروبية.

وبعين محللة لمجريات التحول، أوضح نور الدين أن عدداً من الدول التي كانت تعترف بالجبهة الانفصالية بدأت تراجع مواقفها، في مقدمتها نيجيريا وكينيا، بينما جاء الاعتراف الأمريكي والإسباني بسيادة المغرب على الصحراء كإشارة واضحة لتحولات عميقة في مواقف القوى العالمية.

وأكد أن اعتراف الولايات المتحدة وُثق في السجل الفيدرالي الأمريكي، ليكون بمثابة التزام جاد وحاسم تجاه هذه القضية.

وفي حديثه عن المقترحات السابقة التي حاولت كسر طموح المغرب، أشار نور الدين إلى رفض المملكة لمبادرة جيمس بيكر التي قُدمت عام 2002، بدعم من الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، والتي كانت تدعو لتقسيم الصحراء.

وشدد نور الدين على أن مثل هذه المقترحات كانت تتعارض بوضوح مع مبدأ تقرير المصير، الذي تدعي الجزائر أنها تدافع عنه، لكنه في الواقع لا يمت لقضية الصحراء بصلة.

وتتعدد الشهادات حول دينامية التحولات التي يشهدها ملف الصحراء المغربية، إذ يقول مصطفى الخلفي، القيادي في حزب العدالة والتنمية، إن قرار محكمة العدل الأوروبية والموقف المنحرف للمبعوث الأممي إلى الصحراء ستافان دي ميستورا، يمثلان تحديات تتطلب مواقف حازمة من المغرب.

وأشار الخلفي إلى أن المغرب تجاوز محاولات التقسيم منذ سنوات، مؤكدا أن هناك مسؤولية مشتركة على جميع الأطراف المغربية، من أحزاب وجمعيات، لمواجهة هذه التحديات.

ومن بين المكاسب التي حققها المغرب، يبرز الخلفي تحرير معبر الكركرات وتأمين حركة النقل بين المغرب ودول إفريقيا، مما أدى إلى تعزيز سيادة المغرب على الأرض وفرض واقع جديد جنوب الجدار الأمني.

وفيما يخص التحديات الدبلوماسية، أوضح الخلفي أن محكمة العدل الأوروبية منحت الشرعية لكيان وهمي لا يمتلك مقومات الدولة في القانون الدولي، معتبرًا أن هذا القرار يعكس رغبة في ممارسة ضغوط سياسية، داعيًا إلى التصدي له بقوة.

آخر الأخبار