ردا على شذرات من عيوب بيان "همم" ومهاترات "فقهائها" في قضية "فؤاد عبد المومني"

الكاتب : الجريدة24

04 نوفمبر 2024 - 11:00
الخط :

ابتدعت "همم" الطارئة والشاردة من قانون 1958 الخاص بالحريات العامة، بيانا حابلا بالمهاترات والتناقضات التي تروم إثبات "عيب"، لم يشب أبدا مسطرة إخضاع "فؤاد عبد المومني"، للبحث والاستماع إليه من لدن ضباط "الفرقة الوطنية للشرطة القضائية" بالدار البيضاء، والنيابة العامة بالمحكمة الابتدائية الزجرية بمدينة الدار البيضاء.

جهل فظيع بالقانون وتعويم للسمكة

في تحوير معيب لما حدث وما صرح به "فؤاد عبد المومني"، بعظمة لسانه بعد قرار القضاء الواقف متابعته في حالة سراح، انبرت "همم" التي اختارت لها هكذا اسم، يختصر ما تسميه بـ"الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين"، تعويم السمكة، وتغليط الرأي العام، بتفسيرات لا تستقيم والمساطر التي جرى إعمالها من أجل إخضاع المعني بالأمر للقانون المعمول بها في دولة المؤسسات.

وإنه لجهل فظيع بالقانون ذلك الذي أبان عنه "فقهاء" القانون اللاهون في "همم"، وهم يدبجون بيانا تشابه البقر عليهم فيه، وقد فسر هؤلاء "الفقهاء" ما جرى وفق أهوائهم، وتفسيراتهم العوجاء، وهم يحاولون النيل من ضباط الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، عبر مؤاخذتهم لما وصفوه برفضهم "تطبيق قرار قضائي صادر عن النيابة العامة المشرفة على إجراءات البحث، والقاضي بالترخيص والإذن لهيئة الدفاع بالاتصال بمؤازَرها عبد المومني، إعمالا لمقتضيات المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية".

لكن ما غاب عن "جهابذة" "همم" أنهم أخطؤوا التصويب كعادتهم، وهم يتحدثون عن مسطرة البحث التمهيدي، التي ينتفي أي تعريف لها إلا ما اجتهد به الفقهاء القانونيون الحقيقيون الذين يعرفونها بكونها "مرحلة التثبت من وقوع الجريمة وجمع الأدلة عنها والبحث عن مرتكبيها وهي مرحلة تسبق التحقيق والمحاكمة"، وهو تعريف وإن كان ينزاح إلى البحث التلبسي أيضا، فإن "همم" حاولت أن تجعل من البحث مع "فؤاد عبد المومني" تلبسيا" بالقوة وهو أمر انتفى في حالته، إذ كان محل شبهة وأخضع للبحث التمهيدي للوقوف على ملابساتها والتحقق منها لا غير.

ولربما فقهاء "همم" لم تعجبهم الكياسة التي طبعت إعمال التدابير الاحترازية في حق "فؤاد عبد المومني"، بقدر ما سعوا لأن تكون هذه التدابير منحازة إلى المادة 56 من قانون المسطرة الجنائية، المتعلقة بحالة التلبس، والتي تخول ضمانات إضافية للفرد، مقارنة مع البحث غير التلبسي، الذي ينطبق على حالة المعني بالأمر.

وكما أن "همم" افترت على ضباط الشرطة القضائية منهم تخابر "فؤاد عبد المومني" مع محاميه، فإن "فقهائها" جانبوا منطوق المادة 80 من قانون المسطرة الجنائية، التي تفيد بأنه يحق للفرد الموضوع تحت الحراسة النظرية بأن يَطلُب من ضابط الشرطة القضائية الاتصال بمحامي، على أن تُرخص النيابة العامة بهذا الاتصال إبتداءً من الساعة الأولى لتمديد فترة الحراسة النظرية لمدة لا تتجاوز ثلاثين دقيقة، لكن ولأن "فؤاد عبد المومني"، جرى تقديمه داخل الأمد الأصلي للحراسة النظرية، دون تمديده بمقتضى أمر كتابي من النيابة العامة، فإنه من الناحية القانونية لم يَكن مَسموحا له أو حتى مُخوَّلا له الحق في طلب الاتصال بمحامي.

ولعل "فتاوى" "فقهاء همم"، تكشف أنهم ليسوا غير مهرطقين، يفسرون القانون وفق أهوائهم، ويطلقون التفسيرات على عواهنها ينشدون كل عيوبها التي تنحاز إلى خلق الغموض والإبهام والتناقض والتضاد، بما لا يخدم حالة "فؤاد عبد المومني" البتة.

ادعاء واه ومردود عليه بشأن التعسف

ولأن "همم" حادت عن الصواب فيما سبق، فإنها استمرت في مسارها الخاطيء وهي تدعي اعتقالا تعسفيا لـ"فؤاد عبد المومني"، رغم أن ما يلزم في حالات التوقيف سواء في الشارع العام أو دونه هو احترام شكليات الضبط والتوقيف، وإن ما عبر عنه المعني بالأمر في حوار له بعد قرار متابعته في حالة سراح، ليؤكد، بلسانه، وبما لا يدع مجالا للشك أن تدبير الإحضار والبحث تم وفق القوانين والمساطر المعمول بها ودون تعسف في استعمال السلطة، كما حاولت "الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين"، تغليط الرأي العام.

وكما أن "همم" دفعت بعدم قانونية التوقيف بمدينة تمارة والنقل نحو مدينة الدار البيضاء، فقد غاب عنها أن القضية كانت بيد ضباط الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، والتي تعد في العرف الأمني المغربي مثل الـ"إف بي آي" بالولايات المتحدة الأمريكية، إذ أن اختصاصاها المجالي يشمل عموم تراب المملكة، ولا ينحصر في نطاق ترابي محدود مثل "الشرطة القضائية"، ولذلك فقد أغفلت "الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين"، الفرق الشاسع بين "BNPJ" وبين "PJ"، وإنه لأمر ينم عن جهل فظيع بأحكام المادة 22-1 من قانون المسطرة الجنائية، وبمقتضيات القَرار المشترك بين وزيري العدل والداخلية بشأن إحداث الفرقة الوطنية للشرطة القضائية والفرق الجهوية للشرطة القضائية.

هرطقة بالاختصاص في جرائم إلكترونية

أيضا، أثارت "الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين"، في بيانها ما ترى أنه عيب طبع مسطرة الإحضار والبحث، عبر اللمز إلى خرق قواعد الاختصاص المحلي، للنيابة العامة التي وَقعت في دائرة نفوذها الجريمة، أو مَكان إقامة المشتبه فيه أو مكان توقيفه.، بدعوى أن "فؤاد عبد المومني"، كان ليمثل أمام القضاء الواقف في تمارة وليس بالدار البيضاء، انحيازا لمكان ارتكاب الجريمة، إلا أن في هذه الإثارة ما يؤكد على التغليط الممنهج لـ"همم"، التي أغفلت بأن الأمر يتعلق بجرائم معلوماتية، ينتفي فيها عامل الجغرافيا لتحديد مكان ارتكابها.

ومثلما الأفعال الإجرامية المنسوبة لـ"فؤاد عبد المومني"، تتعلق بفضاء افتراضي ورقمي لا يشمل الاعتماد على الزمكان، فإن الاجتهاد القضائي في هذا الإطار سار على نهج التأكيد على أن مكان مُحاكمة مُرتكِب الجرائم المعلوماتية يَشمَل كل مكان وقع فيه النشر، والدار البيضاء التي نقل إليها وقع فيها ولا غرو نشر ما دونه على "فايسبوك".

قرينة البراءة التي لم تمس

وردا على ادعاءات "الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين"، كون ضباط الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، حجزوا هاتف "فؤاد عبد المومني"، فإن ما تنبغي الإشارة إليه أن توقيفه إنما جاء تنفيذا لتعليمات كتابية صادرة عن النيابة العامة، تقضي بإحضاره والبحث معه، انسجاما وأحكام الفقرة الثانية من المادة 40 من قانون المسطرة الجنائية، التي تنُص على ما يلي "يباشر (وكيل الملك) بنفسه أو يأمر بمباشرة الإجراءات الضرورية للبحث عن مرتكبي المخالفات للقانون الجناني ويصدر الأمر بضبطهم وتقديمهم ومتابعتهم".

على أن النيابة العامة ارتأت إخضاع هاتف "فؤاد عبد المومني"، والحجز المؤقت وافق عليه المعني بالأمر بعدما عَلم بوجود تعليمات مباشرة من النيابة العامة، فإنه ينحاز لكون الهاتف النقال يعد دعامة رئيسية في الجرائم الإلكترونية التي جرى البحث معه بشأنها.

كذلك لم تمس قرينة البراءة بتاتا في إطار البحث مع "فؤاد عبد المومني"، فهي تظل مقدمة ومقدسة، غير أن التدبير الاحترازي الذي بوشر معه، إنما رام بالأساس الحِفاظ على الأدلة مَخافة اندثارها، وإبقاء الشخص تحت النظر حتى لا يفر هاربا.

إنها شذرات من بعض ما اعترى بيان "الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين"، من عيوب ومغالطات رمت إلى التدليس بها على الرأي العام، تنشد من ورائها رمي الكرة في ملعب الفرقة الوطنية للشرطة القضائية والنيابة العامة، دون موجب أو سند قانوني اللهم الافتراء والهرطقة.

آخر الأخبار