العلاقات المغربية-الأمريكية أمام عهد جديد مع ترامب.. ما المكاسب المنتظرة؟

مع فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة مرة أخرى، تعود التساؤلات حول تأثير هذا الحدث على العلاقات بين المغرب وأمريكا.
وتأتي هذه الأسئلة في ظل الروابط القوية التي ترسخت في عهد ترامب الأول، خصوصًا بعد اعترافه التاريخي بسيادة المغرب على الصحراء. فهل سيُعيد هذا الانتصار التوجيهات نفسها لتثبيت الدعم الأمريكي للمغرب؟ وهل ستستمر الشراكات وتتعزز بين البلدين؟
وسلط عباس الوردي، الخبير في الشؤون السياسية وأستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس، الضوء على دلالات انتصار ترامب وتأثيره المتوقع على العلاقات الدولية، خاصة فيما يتعلق بالمملكة المغربية.
وقال الوردي في حديثه "للجريدة 24" إن انتصار ترامب الكاسح، خاصة في الولايات التي كانت تُعتبر معاقل للديمقراطيين، يعكس رسائل قوية إلى الداخل الأمريكي والعالم.
ففي ظل تنامي التحديات العالمية، يرى الوردي أن عودة ترامب للرئاسة قد تكون بداية لعهد ذهبي في العلاقات المغربية الأمريكية، تتسم بتطوير الشراكات الاستراتيجية المتنوعة، وبخاصة في مجالات الأمن والاستثمار والتنمية الاقتصادية.
وأضاف الوردي أن الملك محمد السادس قد بعث ببرقية تهنئة إلى الرئيس ترامب، وهو ما يعكس عمق العلاقات بين المغرب وأمريكا ويعزز من مكانة ترامب في قلوب المغاربة، خاصة بعد دعمه الكبير لموقف المغرب في الصحراء.
وأشار إلى أن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين لها جذور قديمة ومتميزة، لكنها شهدت تطورًا ملحوظًا في عهد ترامب الأول، عندما اتخذ قرارًا غير مسبوق بالاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، ما عزز الثقة بين البلدين وأسهم في دفع العلاقات نحو آفاق جديدة.
وفقًا للوردي، فإن عودة ترامب قد تفتح المجال لتطوير التعاون في مجالات عدة، ليس فقط على مستوى الاعتراف بسيادة المغرب، بل أيضًا من خلال تفعيل مشاريع استثمارية ضخمة في الأقاليم الجنوبية، وتحقيق استقرار اقتصادي واجتماعي في هذه المناطق.
كما يؤكد أن ترامب يمتلك رؤية للتعامل مع الملفات الكبرى، مثل الصراع الروسي-الأوكراني، والعلاقات مع الصين، وإيران، والشرق الأوسط، وهو ما قد يعزز مكانة الولايات المتحدة كمحور أساسي في صياغة النظام العالمي الجديد.
من المتوقع أن تؤدي هذه السياسة إلى تعزيز الشراكات الدولية، حيث إن ترامب قد أبدى اهتمامًا بتوسيع نفوذ الولايات المتحدة في أفريقيا، خاصة مع الدول التي تربطها علاقات تاريخية بواشنطن.
ووفق الوردي، فإن المغرب، باعتباره شريكًا استراتيجيًا، سيكون ضمن أولويات الإدارة الجديدة، خصوصًا مع النمو الاقتصادي والاستقرار السياسي الذي يتمتع به المغرب، وهو ما يجعله حليفًا استراتيجيًا في منطقة شمال أفريقيا.
يضيف الوردي أن هناك رغبة مشتركة بين ترامب والمغرب في استثمار هذه الفترة لتعزيز التعاون في قضايا الأمن الإقليمي ومحاربة الإرهاب، وخلق فرص استثمارية جديدة، وهو ما سينعكس إيجابًا على الأمن والاستقرار الإقليميين.
ويرى الوردي أن هذه الشراكة قد تكون نموذجًا يحتذى به، حيث إن الولايات المتحدة قد تجد في المغرب قاعدة انطلاق لتحقيق أهدافها في المنطقة، خاصة مع ازدياد التوترات مع بعض القوى الكبرى.
من ناحية أخرى، يرى الوردي أن ترامب سيعمل على إعادة رسم ملامح النظام العالمي من خلال تقوية علاقاته مع الدول الصديقة التي تتوافق مع رؤيته، ما قد يسهم في تعزيز موقف المغرب إقليمياً ودولياً.
هذا التوجه يتماشى مع رغبة ترامب في تقليل نفوذ بعض القوى المنافسة، مما يجعل المغرب شريكًا طبيعيًا في هذه الرؤية.
في الختام، أشار الوردي على أن فوز ترامب بالرئاسة يشكل نقطة تحول مهمة في دعم الوحدة الترابية للمغرب، وأنه سيكون قادرًا على الوفاء بالتزاماته تجاه المملكة المغربية، بما في ذلك تفعيل اعترافه بسيادة المغرب على صحرائه، وإمكانية فتح قنصلية أمريكية في الأقاليم الجنوبية، وتعزيز الاستثمارات التي ستساهم في تنمية هذه المناطق.
وكان دونالد ترامب، قد أعلن اليوم الأربعاء، عن فوزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، ووعد بتدشين “عصر ذهبي” لبلاده.
وفاز دونالد ترامب، حسب النتائج الجزئية، بـ277 صوتا انتخابيا، مقابل 224 لصالح كامالا هاريس.