بين غضب المحامين وتصعيد النقابات.. هل تتراجع الحكومة عن قراراتها أم ستلجأ للحوار؟

الكاتب : انس شريد

07 نوفمبر 2024 - 08:30
الخط :

اشتعلت الساحة المغربية بخلافات حادة بين وزير العدل عبد اللطيف وهبي وجموع المحامين الذين يواصلون احتجاجاتهم، متشبثين بالدفاع عن حقوقهم في وجه ما يعتبرونه محاولة لتقليص حرية ممارستهم للمهنة.

كما تصاعدت حدة التوتر بعدما أكدت الحكومة مضيّها في مشروع قانون الإضراب، الذي أثار بدوره غضب النقابات والطبقة الشغيلة.

ففي نظر النقابات، هذا القانون ليس مجرد مجموعة من البنود التشريعية، بل خطوة تكبّل حقهم المشروع في الدفاع عن مصالحهم، وتجعلهم عرضة لمزيد من الضغوطات.

وبات السؤال الملح: هل سيستمر التصعيد إلى حد الانفجار، أم أن الحكومة ستراجع حساباتها قبل المضي قدمًا في هذا الملف الشائك؟

في هذا الصدد، قال الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، عقب اجتماع المجلس الحكومي، إن وزير العدل عبد اللطيف وهبي، كان قد أكد استعداده للحوار مع جمعية هيئات المحامين"، مبرزاً أن الهدف من الإصلاحات المطروحة ليس الانتقاص من حقوق أحد، بل تعزيز مسار التنمية في البلاد بما يخدم مصلحة الجميع.

هذا التصريح جاء في وقت يستمر فيه الشد والجذب بين وزير العدل عبد اللطيف وهبي والمحامين، الذين يرون في الخطوات الوزارية تهديداً مباشراً لمصالحهم وحقوقهم المهنية.

من جهته، شدد بايتاس على أن الإصلاحات لا ينبغي أن تصب في مصلحة طرف على حساب طرف آخر، مؤكداً على الحاجة إلى مواصلة الحوار بنية صافية لتجاوز الخلافات، والوصول إلى تفاهمات تلبي مصالح الجميع.

وعند التطرق إلى مشروع القانون التنظيمي للإضراب، أشار بايتاس إلى أن هذا القانون ظل حبيس البرلمان لمدة تسع سنوات، متسائلاً بمرارة عن مدى جدوى تركه معلقاً لفترة أطول دون أن يتم التداول فيه بحسن نية للوصول إلى حلول جادة.

واستطرد قائلاً: "الذكاء الجماعي يجب أن يعطينا الحلول لهذه المسائل"، مؤكداً أن بقاء القانون في البرلمان دون حسم ليس في مصلحة أي طرف، بل يُعطِّل مسار الإصلاحات ويُطيل أمد الاحتقان.

وسبق أن أكد يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، مؤخرا، خلال عرضه لإنجازات الوزارة تزامنًا مع مناقشة الميزانية الفرعية، أن الوزارة توافقت مع آراء المؤسسات الدستورية بخصوص مشروع قانون الإضراب، مشيرًا إلى أن الهدف هو إصدار قانون تنظيمي متوازن يحترم الدستور وحقوق الإنسان.

وأوضح الوزير أنه أبلغ النقابات بهذا الموقف، مضيفًا أن المشروع شهد مشاورات امتدت لأكثر من 22 شهرًا تخللتها نقاشات معمقة وصعبة، لكن ما تزال هناك نقاط خلافية جوهرية تعيق الوصول إلى توافق شامل.

وشدد ذات المتحدث، أن الحكومة مستعدة لتتجاوب مع مقترحات النقابات بشرط أن تكون عملية، مؤكدا أن الوزارة الوصية عن القطاع تهمها مصلحة الطبقة الشغيلة.

وتجدر الإشارة إلى أن إحدى القضايا المحورية التي أثارت جدلًا واسعًا هي مسألة الاقتطاع من أجور العمال خلال فترات الإضراب.

فرغم تأكيد الحكومة أن مبدأ "الأجر مقابل العمل" هو الذي يحكم هذا الإجراء، إلا أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان رأى في هذه القاعدة تعديًا على حق الإضراب، خاصة في حالات يكون فيها العمال مجبرين على الإضراب بسبب إخلالات من قبل المشغل، كالتأخير في دفع الأجور أو التضييق على الحريات النقابية.

وطالب المجلس بضرورة تحقيق توازن معقول في هذه الاقتطاعات بحيث تتناسب مع مدة الإضراب وأسبابه، إلى جانب تطبيق استثناءات تضمن حق العمال في التعبير عن احتجاجاتهم دون المساس بحقوقهم المادية الأساسية.

وعلى الجانب الآخر، عبرت النقابات الكبرى، وخاصة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، عن رفضها القاطع لمشروع القانون، مشيرة إلى أنه لم يخضع لمشاورات حقيقية مع الأطراف الاجتماعية، ما يجعله مخالفًا لروح الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحرية العمل النقابي.

وترى هذه النقابات أن هذا القانون قد يتحول إلى أداة لتقييد حق الإضراب، بدلًا من أن يكون وسيلة لتنظيمه وحمايته.

ويأتي موقف النقابات مدعومًا بانتقادات لاذعة من المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الذي اعتبر أن النص الحالي يغلب عليه الطابع الزجري، خاصة أن 12 مادة من أصل 49 في المشروع تتناول العقوبات.

وأشار المجلس إلى أن هذه المقاربة تجعل من الصعب على العمال ممارسة حقهم في الإضراب، ودعا إلى إعادة النظر في بعض المفاهيم الأساسية، بما في ذلك تعريف الإضراب نفسه، حتى يتسنى لجميع الفئات المهنية ممارسة هذا الحق الدستوري، بما في ذلك العاملات والعمال المنزليون والمهن الحرة.

وتواجه الحكومة في هذا السياق تحديات كبيرة لتحقيق توازن بين حقوق العمال ومتطلبات الإنتاجية الاقتصادية.

آخر الأخبار