حافلات بلا مسارات ثابتة ومحطات بلا كراسي.. متى ينتهي معاناة البيضاويين؟

الكاتب : انس شريد

10 نوفمبر 2024 - 08:30
الخط :

في قلب الدار البيضاء، حيث الحركية والازدحام لا يتوقفان، يعيش المواطنون يوميات من الصراع مع التغيرات التي تطرأ على شبكة النقل العام.

آخر هذه التعديلات كانت تلك التي أعلنتها شركة "ألزا" المكلفة بتسيير حافلات البيضاء، بخصوص تعديل مسارات خطوط رئيسية، السبب المعلن: الأشغال الجارية في بعض شوارع المدينة،

والتي تهدف إلى تحسين البنية التحتية. لكنّ هذه التعديلات جاءت بمثابة صدمة للكثيرين من مستعملي الحافلات، خصوصاً أنها تخص شوارع حيوية وخطوطاً يعتمد عليها الآلاف بشكل يومي.

الخطوط المستهدفة بهذه التعديلات تشمل L020، L063، L072، وL019، والتي شهدت جميعها تغييرات في مساراتها ونقاط التوقف. على سبيل المثال، خط L020، الذي ينطلق من محطة رياض الولفة 3 باتجاه المحطة الطرقية، تم تغييره ليشمل توقفاً مؤقتاً في امتداد شارع ابن سينا، وذلك لتفادي الازدحام الناجم عن الأشغال في شارع أفغانستان.

أما الخط L063، الذي يربط بين سيدي الخدير والسالمية، فقد أُعيد تنظيمه بشكل مشابه، مع تغيير نقطة التوقف المؤقتة لتقليل تأثير الأشغال.

أما المواطنين، فحالتهم تتراوح بين الاستياء والإحباط؛ فإلى جانب هذه التعديلات التي تتطلب إعادة ترتيب خططهم اليومية، تعاني محطات الحافلات من نقص حاد في التجهيزات الأساسية، مثل الكراسي والمظلات، ما جعل انتظار الحافلات مهمة شاقة، خصوصاً على الفئات الهشة.

كبار السن، المرضى، وذوو الاحتياجات الخاصة يجدون أنفسهم مضطرين للوقوف في ظروف غير مريحة، معرضين لأشعة الشمس في الصيف أو للأمطار الباردة في الشتاء، ما يزيد من معاناتهم الجسدية والنفسية.

هذا الوضع، الذي أضحى مشهداً يومياً معتاداً، أثار موجة من السخط لدى المواطنين، حيث لم تعد مسألة إزالة الكراسي مسألة بسيطة بل أصبحت رمزاً لإهمال الجهات المسؤولة للاحتياجات الأساسية للسكان.

فبعض المحطات القليلة في وسط المدينة تحتفظ بعدد محدود من المقاعد، لكنها بحالة متدهورة تحتاج إلى صيانة عاجلة، مما زاد من شعور السكان بالتجاهل، ودفع العديد منهم إلى التساؤل حول سبب هذه الإجراءات التي تمس حياتهم اليومية.

النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي لم يقفوا مكتوفي الأيدي؛ حيث بدأت حملة موسعة للتنديد بهذا الوضع والمطالبة بإعادة النظر في تجهيزات المحطات، معتبرين أن إزالة الكراسي تُعد خطوة رجعية في مدينة يفترض أن تكون نموذجاً حضارياً لمواكبة العصر.

بالنسبة للكثيرين، فإن عدم توفير مقاعد للجلوس يعكس قصوراً في التخطيط وافتقاراً للإحساس بمعاناة المواطنين، في حين أن تلك الكراسي كانت توفر راحة ولو بسيطة أثناء الانتظار الطويل.

وفي ظل هذه الاحتجاجات الشعبية، تجد الدار البيضاء نفسها أمام تحديات ضخمة لتطوير بنيتها التحتية وتجهيزاتها، خاصة أنها مُرشحة لاستضافة فعاليات دولية مهمة، مثل كأس العالم 2030، الذي يسعى المغرب من خلاله إلى تقديم صورة حديثة ومتطورة للعالم.

ولكن مع وجود مشاكل تتعلق بأبسط الخدمات، مثل نقص الكراسي في محطات الحافلات، يظل السؤال مفتوحاً حول قدرة المدينة على توفير بيئة ملائمة لمواطنيها وزوارها، ما يجعل من الضروري معالجة هذه القضايا قبل التفكير في استقبال أحداث كبرى.

الاستياء في صفوف المواطنين قد يكون إشارة قوية للجهات المسؤولة إلى أهمية الالتفات إلى تحسين جودة حياة السكان، عبر توفير خدمات لائقة تنسجم مع متطلبات العصر وتطلعات المجتمع.

آخر الأخبار