بين تعزيز القدرة الشرائية وتخفيف الضرائب.. المعارضة تقدم تعديلاتها لتغيير ملامح قانون المالية 2025

الكاتب : انس شريد

11 نوفمبر 2024 - 10:00
الخط :

قدمت أحزاب المعارضة البرلمانية مجموعة من التعديلات تهدف إلى تحسين مشروع قانون المالية لسنة 2025 بما يتناسب مع طموحات الشعب المغربي، الذي تأثرت قدرته الشرائية نتيجة موجة الغلاء، والارتفاع الحاد في معدلات البطالة.

وتأتي هذه التعديلات في إطار محاولة مواجهة تداعيات التضخم والغلاء الذي أصاب مختلف الفئات الاجتماعية، خاصة الفئات الهشة الطبقة الوسطى.

وقد تميزت هذه التعديلات بتنوعها وشمولها لقضايا اقتصادية واجتماعية حساسة، مما أضفى طابعاً مميزاً على الجدل البرلماني حول مستقبل الإصلاح في البلاد.

من بين أبرز التعديلات المقترحة، تقدم حزب الاشتراكي الموحد، عبر نبيلة منيب بمقترح يهدف إلى إلغاء المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.

وعللت منيب هذا المقترح بأن التجربة قد فشلت في تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع، حيث أنفقت عليها مبالغ طائلة دون جدوى، مشيرة إلى أن إنشاء مئات الآلاف من الجمعيات التي لا تنشط إلا خلال فترات الانتخابات يعد من النتائج السلبية لهذه المبادرة.

وبدلاً من ذلك، اقترح الحزب توجيه الأموال المخصصة لهذه المبادرة إلى مجالات أكثر حيوية وفاعلية مثل محاربة الأمية، والتأهيل المهني، وتحسين أوضاع المرأة، مما قد يكون له تأثير أكثر استدامة على تحسين المستوى المعيشي للمواطنين.

بل دعا أيضًا إلى إصلاحات جذرية في نظام التوظيف، حيث شددت على ضرورة القضاء على المحسوبية و"الزبونية" في توزيع المناصب، خاصة ما يعرف بظاهرة "باك صاحبي".

وتم التركيز أيضا على أهمية توزيع المناصب المالية بين الوزارات بناءً على الأولويات الوطنية مع الالتزام بتخصيص 7% من هذه المناصب للأشخاص في وضعية إعاقة، مع مطالبة الحزب بالاحتفاظ بالمركزية في قطاع الصحة، وأعربت عن قلقها من الأضرار التي قد تلحق بالقطاع العام إذا استمر الضغط عليه.

في سياق آخر، تطرق حزب الاشتراكي الموحد إلى قضية الأمن الغذائي، حيث شددت نبيلة منيب على أهمية حماية القطيع الوطني وتقديم الدعم الضروري لمربي الماشية ومنتجي زيت الزيتون، بهدف تعزيز الاكتفاء الذاتي الوطني ومنع التبعية للأسواق الخارجية.

ورفضت بشكل قاطع استيراد أحشاء الأبقار والأغنام والجمال من الأنواع المستأنسة، معتبرة أن هذه المنتجات ليست فقط منخفضة القيمة الغذائية، بل قد تشكل خطرًا على صحة المغاربة بسبب معالجتها بطرق مكثفة قبل تصديرها.

كما أشار حزب المصطف في صفوف المعارضة إلى أنه بدلاً من استهلاك هذه المنتجات كغذاء، يمكن استخدامها كأسمدة لتغذية التربة، وطرحت تساؤلاً لاذعًا حول سبب استيراد المغرب لمخلفات ترفضها بلدان أخرى.

على مستوى الإصلاح الضريبي، قدمت المعارضة عدة اقتراحات جوهرية، حيث اقترح الفريق الحركي تعديل جدول الضريبة على الدخل بشكل يخفف العبء عن الطبقات الدنيا والمتوسطة.

من بين هذه المقترحات إعفاء شريحة الدخل حتى 48 ألف درهم سنويًا من الضريبة على الدخل، وفرض ضريبة بنسبة 10% على الدخول التي تتراوح بين 48 ألف درهم و68 ألف درهم، و20% على الدخول التي تتراوح بين 68 ألف درهم و88 ألف درهم، ورفع النسبة تدريجيًا حتى 37% على الدخول التي تتجاوز 188 ألف درهم.

ويهدف هذا التعديل إلى دعم الطبقة الوسطى، التي تضررت بشكل كبير في السنوات الأخيرة بسبب ارتفاع الأسعار وانخفاض القدرة الشرائية.

كما تقدمت المعارضة بتعديلات على ضريبة الشركات، حيث اقترح الفريق الحركي فرض نسبة 40% على شركات الاتصالات وتوزيع المحروقات، وهي الشركات التي تحقق أرباحًا هائلة في السوق الوطنية.

وعلل الفريق الحركي هذا التعديل بأن هذه الشركات تستفيد من أوضاع احتكارية، ما يفرض عليها المساهمة بشكل أكبر في تمويل الميزانية العامة للدولة.

إضافة إلى ذلك، طالب الفريق بإدراج شركات الغاز الطبيعي وزيوت المحركات ضمن هذه الفئة الضريبية..

كما اقترح الفريق الحركي إعفاء السلع والمعدات المستوردة لأغراض تجهيز الملاعب الرياضية، من الضرائب، تحضيرًا لكأس العالم 2030، المقرر إقامته في المغرب بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال.

ويأتي هذا المقترح بهدف دعم الجهود الوطنية لاستضافة هذا الحدث العالمي وتعزيز البنية التحتية الرياضية.

من جهة أخرى، اقترح الفريق الحركي فرض ضريبة على الأرباح التي تحققها منصات التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك" و"تيكتوك" و"يوتيوب"، معتبرًا أن هذه المنصات تحقق مكاسب ضخمة من دون أن تساهم في دعم الاقتصاد الوطني.

كذلك، دعا الفريق إلى إعفاء التحويلات النقدية التي تحصل عليها الأحزاب السياسية من الضرائب والرسوم، مشيرًا إلى أن هذه الأموال يجب أن تستخدم حصريًا في تمويل الأنشطة السياسية دون تحميل الأحزاب أعباء إضافية.

التعديلات لم تتوقف هنا، فقد اقترح الفريق الحركي أيضًا رفع نسبة الخصومات من الأعباء العائلية إلى 750 درهم عن كل طفل، مقارنة بـ500 درهم المعمول بها حاليًا.

ويهدف هذا التعديل إلى تحسين الوضع المالي للعائلات المغربية المتوسطة، والتي تعاني من ضغوط اقتصادية متزايدة.

في السياق نفسه، قدمت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية عدة تعديلات تركز على تحسين الظروف المعيشية للفئات المتضررة، بما في ذلك إعفاء ضحايا الزلازل والفيضانات من رسوم التسجيل.

كما دعا البيجيدي، إلى تمكين الجماعات الترابية من الموارد المالية الكافية لمواجهة التحديات التنموية المحلية والمساهمة في المشاريع الاستراتيجية الكبرى التي تشهدها البلاد.

فيما يتعلق بالحماية الاجتماعية، اقترح الفريق النيابية لحزب العدالة والتنمية إمكانية الجمع بين مختلف البرامج المعتمدة من صندوق الحماية الاجتماعية، ورفع الحد الأدنى للمعاشات إلى مستوى الحد الأدنى للأجور.

هذا الاقتراح يهدف إلى ضمان كرامة هذه الفئة الاجتماعية، خاصة بعد سنوات طويلة من الخدمة.

كما اقترح البيجيدي، احداث بنية جديدة تشكل حلقة بين المقاول الذاتي والشركات التجارية وشركات الأشخاص المنصوص عليها في قانون الشركات تحت اسم "المقاولة المتناهية الصغر"، و يحدد رقم معاملاتها الأقصى في 2 مليون درهم بالنسبة لقطاعات الصناعة والفلاحة والتجارة، و 1 مليون درهم بالنسبة لقطاع الخدمات.

بالإضافة إلى تشجيع التداريب و توسيع قاعدة المستفيدين لتشمل أصحاب الشواهد أو غير الحاصلين على الشواهد،.

كما طالب حزب العدالة والتنمية، بتنزيل التزام الحكومة المعلن أثناء إطلاق الاستراتيجية الوطنية للرقمنة، باعتماد إجراءات تحفيزية لفائدة المقاولات المشتغلة في المجال الرقمي من أجل خلق 240 ألف منصب، مع ضرورة الزيادة ب 300 مليون درهم في ايرادات حوادث الشغل لضمان اعتمادات التعويض عن حوادث الشغل.

الرفع من الحد الأدنى للدخل المعفي من أداء الضريبة من 10.000 درهم إلى 15.000 درهم لمدة 24 شهرا بهدق تشجيع التشغيل والرفع من القدرة الشرائية للعامل لأول مرة، إعفاء الأجر الشهري للعامل من الضريبة على الدخل وذلك في إطار عقد شغل مع جمعية أو مقاولة خلال الثلاث سنوات الأولى من انطلاقها؛ تشجيع تشغيل الطلبة الجامعيين عن العمل من خلال الاعفاء من الضريبة على الدخل.

كما اقترح البيجيدي، حذف الاجراء الحكومي بدعم استيرا اللحوم الحية وأحشاء الابقار والماعز والجمال الطازجة والمبردة والمجمدة . من أضرار على الصحة العامة؛ الرفع من الضرائب الداخلية على الاستهلاك المطبقة على : السجائر الالكترونية والشيشة للحد من استعمالها خاصة في صفوف الشباب، بالإضافة إلى المنتجات التي تحتوي على نسب عالية من الملح والسكر والدهون المتحولة ه الأسمدة الكيماوية.

كما همت التعديلات المقدمة من طرف المجموعة النيابية للعدالة والتنمية على مشروع قانون المالية 2025، تخفيض الضريبة على القيمة المضافة المطبقة على موالدات مادة الاوكسجين لخفض تكلفتها وتوفيرها بكميات جيدة في السوق الوطنية، إعفاء أعلاف الدواجن والمواشي من الضريبة على القيمة المضافة عند الاستيراد.

بالإضافة إلى تقديم مقترح إعفاء الأدوية والمنتجات الصيدلية والمستلزمات الطبية الموجهة للاستعمال البيطري أو الفلاحي أو البشري لتعزيز الرعاية الصحية وتخفيف الأعباء المالية على القطاعات الصحية والبيطرية والفلاحية.

في ختام هذه المناقشات، تتجه الأنظار نحو الحكومة ومدى استجابتها لهذه التعديلات، وسط توقعات بتعديلات على مشروع قانون المالية لسنة 2025 قد تكون لها آثار بعيدة المدى على الاقتصاد الوطني والقدرة الشرائية للمواطنين.

آخر الأخبار