من يكتب بلاغات الهيئة غير القانونية التي تسمي نفسها "الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين"، إما أنه متعصب يرفض الحق رغم قيام الدليل، أو أنه "مؤدلج" بشكل متطرف، يأتي للواقع الافتراضي ليبحث فيه عما يدعم فرضيته ويعزز طرحه رغم مجانبتهما للحقيقة والواقع المادي.
فمن دبج (مثلا) بيان التضامن مع حميد المهداوي أساء لهذا الأخير من حيث لا يحتسب، عندما ازدرى موقعه القانوني واعتبره-بمفهوم المخالفة- الطرف الضعيف في الدعوى، وهي مسألة معيبة ليس فيها من التضامن سوى الاستهجان.
كما أن كاتب البيان أسرف في استحضار صفة حميد المهداوي وموقعه الإخباري، معتبرا أن الحكم القضائي الصادر في حق هذا الأخير إنما يروم "ترهيبه والإجهاز على موقعه الإلكتروني"، والحال أن الجريمة موضوع هذا الحكم لم ترتكب نهائيا لا بصفة حميد المهداوي الصحفية، ولم تقترف في جريدته التي حصل بشأنها على الملاءمة وبطاقة الصحافة.
وقد بدا مفضوحا أن كاتب البيان حاول عمدا تقديم حميد المهداوي كصحفي في القضية وكناشر، لعدة اعتبارات لا يعلمها إلا الراسخون في "الوقفات التضامنية"!
ويتمثل الاعتبار الأول في الإصرار على جر هذه القضية إلى نطاق قانون الصحافة، الخالي من العقوبات السالبة للحرية والابتعاد بها عن القانون الجنائي، وثانيا لاستدرار تعاطف المنظمات المهنية والصحفيين الذين نعتهم حميد المهداوي مؤخرا ب "السلاكط"، وثالثا لحشد الهيئات المتضامنة بالمبدأ والمعروفة بخلفياتها المناوئة مثل مراسلون بلا حدود.
لكن لماذا أخطأ كاتب البيان عندما راهن على صفة حميد المهداوي الصحفية، وعلى موقعه الإلكتروني؟
ببساطة، وبلغة قانونية أكثر تبسيطا، لأن حميد المهداوي ارتكب جرائم القذف والتشهير المنسوبة له خارج المنبر أو الصحيفة التي يتوفر فيها على الملاءمة، والتي تتيح له ممارسة مهنته الصحفية المحمية بموجب القانون.
كما أن هذه الأفعال الإجرامية التي ارتكبها حميد المهداوي خارج النطاق المحمي بقانون الصحافة والنشر، إنما ارتكبها بصفته الشخصية في منصات التواصل الاجتماعي، وليس في الموقع الإخباري الذي يتوفر فيه على الملاءمة ويمارس فيه مهنته الصحفية المشمولة بالحماية.
أكثر من ذلك، فرئاسة النيابة العامة عندما أصدرت في وقت سابق دورية لتحسيس مختلف النيابات العامة بضرورة مطالبة المشتكين باللجوء إلى "الشكاية المباشرة" عندما يتعلق الأمر بقضايا الصحافة والنشر، بدل المرور عبر الشكايات الموجهة للنيابة العامة، فإنها كانت تهدف أساسا لتعزيز الحماية القانونية لمهنة الصحافة متى تمت ممارستها في إطار المنبر الحائز للملاءمة، وليس في منصات التواصل الاجتماعي خارج ضوابط النشر المقررة قانونا.
والثابت في نازلة الحال أن حميد المهداوي ارتكب الجرائم التشهيرية المنسوبة له بصفته الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي، بعيدا عن النطاق المشمول بالحماية، وهو ما يجعل محاكمته ومتابعته سليمتان من الناحية القانونية، ويسدل عليهما طابع الشرعية والمشروعية.
ومن هذا المنظور، فمن لم يعجبه الحكم القضائي الصادر في مواجهة حميد المهداوي فما عليه إلا الطعن فيه أمام الجهة القضائية الأعلى درجة، إذا توافرت لديه طبعا الصفة والمصلحة في الدعوى، أما من تعوزه هذه الشكليات الضرورية فما عليه سوى احترام مؤدّى ومنطوق الأحكام القضائية لكونها هي "عنوان الحقيقة".