رفض توسيع الإعفاءات الضريبية للجمعيات.. هل يُعرقل العمل الخيري أم يُنقذه من الاحتيال؟

الكاتب : انس شريد

13 نوفمبر 2024 - 10:30
الخط :

في مشهد متجدد يستقطب اهتمام الرأي العام، باتت قضية تنظيم التبرعات والنشاطات الخيرية موضع جدل عميق في الأوساط الحكومية والمدنية المغربية.

وخلال المناسبات الدينية والأعياد والكوارت الطبيعية، تزداد عمليات جمع التبرعات، عبر منصات التواصل الاجتماعي وغيرها، مما يطرح تساؤلات ملحة حول مدى مصداقية تلك الحملات ومدى ضرورة تدخل الحكومة لضبطها.

وفي ظل تصاعد شكاوى المواطنين من عمليات نصب تمت بغطاء "فعل الخير"، أطلقت جمعيات مدنية مرارا تحذيرات ضد تلك الأنشطة غير المؤطرة، موضحة أن بعض الأفراد احترفوا هذه الممارسات وأصبحوا يتصيّدون الفرص الدينية لاستغلال عواطف الناس بغية جمع الأموال بطريقة غير شرعية.

من جانبها، تكرر تلك الجمعيات دعوتها لتنظيم ما يُعرف بـ "الإحسان العمومي"، وتشجيع أي مواطن تعرض لاستغلال أو احتيال خلال عمليات التبرع على التوجه بشكاوى إلى السلطات المختصة.

ورغم المتابعات القضائية المتزايدة، تبقى التحديات ماثلة في مواجهة ظاهرة "النصب الخيري"، التي باتت تستغل حساسية اللحظات الدينية لكسب ثقة المواطنين وتوجيه أموالهم بطرق غير شرعية.

في السياق ذاته، رفضت الحكومة خلال اجتماع لجنة المالية للتنمية الاقتصادية للتصويت على تعديلات مشروع قانون المالية لسنة 2025،  تعديلًا برلمانيًا يقترح توسيع الإعفاءات الضريبية على الإرساليات الموجهة إلى الجمعيات الخيرية، ليشمل جمعيات المجتمع المدني التي لا تملك صفة "المنفعة العامة".

وقد أتى هذا التعديل، الذي تقدّم به الفريق الاشتراكي المعارض في مجلس النواب، كخطوة اعتبرها مؤيدوه ضرورية للاعتراف بالدور الهام الذي أصبحت تلعبه جمعيات المجتمع المدني في القطاعات الاجتماعية، واعترافًا بالدور المتنامي لها بجانب المؤسسات العامة.

وأوضح النائب عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي المعارض، أن الكثير من الجمعيات النشطة خارج العاصمة، خاصة تلك التي تعمل في المناطق القروية والمناطق النائية، لا تتمتع بإعفاءات ضريبية على إرسالياتها مما يدفعها للجوء إلى جمعيات ذات المنفعة العامة المتواجدة في المدن الكبرى مثل الرباط.

واعتبر أن هذا الوضع "يقتل" العمل الجمعوي ويحد من قدرة تلك الجمعيات على تقديم خدماتها للمجتمعات التي تخدمها بفعالية.

وأكد على ضرورة توسيع دائرة المستفيدين من الإعفاءات لتشمل جميع الجمعيات النشطة في العمل الاجتماعي، معتبرًا أن الاقتصار على الجمعيات ذات المنفعة العامة يحرم العديد من الجمعيات المحلية من القيام بدورها.

في المقابل، أصرّ الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، على أن الإعفاءات الضريبية التي تقدمها الدولة للجمعيات يجب أن تكون محددة وصارمة، نظرًا لوجود جمعيات تستخدم العمل الخيري كغطاء للأنشطة التجارية.

وأكد خلال اجتماع لجنة المالية أن الإطار القانوني الحالي يوفر إعفاءً كاملاً للجمعيات ذات المنفعة العامة، ما يضمن توجيه الدعم إلى الأنشطة الخيرية الفعلية بعيدًا عن الاستغلال التجاري.

وبرر رفض التعديل المقترح بأن التوسع في الإعفاءات قد يشجع على ممارسات غير مرغوبة من قبل بعض الجمعيات التي تحاول استغلال التسهيلات الضريبية لغايات تجارية.

هذا التباين بين موقف الحكومة والمعارضة يعكس اختلافاً عميقاً حول أسلوب إدارة ودعم النشاطات الخيرية في البلاد.

وبينما يرى بعض البرلمانيين أن الوقت قد حان لاحتواء جميع الجمعيات في الإطار الضريبي الميسر، ترى الحكومة أن حصر الإعفاءات على الجمعيات ذات المنفعة العامة يحد من التجاوزات ويحمي الإحسان من التلاعب.

آخر الأخبار