غشاشون يزورون السائل المقدس وسماسرة يلهبون الأسواق

أمينة المستاري
زيت العود أو الزيت البلدية...معشوقة المغاربة التي لا تخلو مائدة منها، السائل المقدس الذي يتهافت عليه المغاربة طوال السنة لما له من فوائد غذائية وصحية وتجميلية، فهي حاضرة في أطباق القطاني وترافق أطباقا أخرى وتستأنس بلقائها مع خبز الشعير الساخن والشاي أو عندما تعلو طبق الفول المدمس " البيصارة" ...لذلك يسعى الكثيرون إلى تأمين حصة سنوية منها. لكن هذا المنتوج المقدس عرف خلال السنوات الأخيرة ارتفاعا في الثمن لأسباب أهمها الجفاف والمضاربة من طرف السماسرة الذين ألهبوا أسعاره.
خريطة "زيت العود"
لقد اشتهرت مدن عديدة بالمغرب بإنتاج الزيتون، لاسيما وزان، تاونات، مكناس، العطاوية والشياظمة، بني ملال....تمتلك غالبا الأسر "جنانات" أو مساحات مغروسة بشجر الزيتون تقوم بجني حباته وعصرها، منها من تقوم ببيع كمية منه لمساعدتها في كفاية باقي حاجياتها على امتداد سنة، فيما تفضل أسر أخرى تخزينه من أجل الاستهلاك الذاتي، وفي المقابل هناك معاصر أو مقاولات تقوم بشرائه وعصره وبيعه على نطاق واسع."
زيوت مغشوشة بأثمنة "راس السوق"
يعرف هذا السائل المقدس غشا من طرف المحتالين الذين لم يدخروا جهدا في ابتكار طرق للغش، وتغليط المستهلك بخلط الزيت وبيعه بأثمنة عرفت ارتفاعا، مستغلين قلة المنتوج وتهافت المستهلك عليه، بخلط زيت الزيتون بالزيوت النباتية، أو بقايا الزيتون المطحون "الفيتور"، كما يتم وضع كمية من أوراق الزيتون أو بعض الأعشاب لإعطاء الزيت لونا أخضر، وكذلك وضع صبغات أو نكهات ممنوعة ...وإضافة لذلك يقوم المحتالون برفع الثمن للنصب على المستهلك.
زيوت الجار الإسباني لسد الخصاص
الخصاص في زيت الزيتون عرف اتخاذ قرار من طرف الحكومة باستيرادها من اسبانيا، بعدما قل المنتوج المحلي بحوالي 50 في المائة، حسب المهنيين، مع توالي سنوات الجفاف، حيث وصل ثمن الزيتون 17 درهم في بعض المناطق، أما الزيت فقد بلغ الثمن 110 إلى 120 درهما.
ويرتقب أن تخفف الزيت المستوردة سواء من إسبانيا أو تركيا من حدة الخصاص، يقول عبد الكريم الشافعي، نائب رئيس الجامعة المغربية لحماية حقوق المستهلك "إن الجامعة المغربية من خلال فرعها بأكادير توصلت بشكايات من قبل مستهلكين، يشتكون من تجار المناسبات الذين يرفعون الأثمنة إضافة إلى تحايلهم بخلط الزيت باستعمال الطرق السالفة الذكر.
وأضاف الشافعي أن الزيت الإسبانية تتميز بمردودية مرتفعة مقارنة مع الزيت المحلية، فقد تصل الأولى 24 لتر في القنطار، أما زيت العود المغربية فتصل إلى 14 لتر في القنطار، لكن ورغم ذلك فالزيت المحلية تعتبر جيدة وذات قيمة غذائية وعلاجية مهمة، خاصة منها الحوزية، المنارة، البيشاوي ...والتي تعتبر أنواع لزيوت حرة ، وتحتفظ بلونها رغم مرور سنوات، طبعا - يستطرد الشافعي - شرط وضعها في أواني فخارية أو بمعدن"إينوكس" .
موجة الجفاف التي توالت منذ خمس سنوات، تزداد حدتها سنة بعد سنة، مما جعل ثمن الزيت يرتفع بشكل صاروخي، فبعد أن كان يصل 40 إلى 50 درهم وصل في بعض المناطق 120 درهما، المعروفة بجودة زيوتها، بسبب المضاربين والسماسرة الذين يقومون ب"تشويه" القطاع و"حوتة تخنز شواري".
واعتبر شافعي أن تدخل الدولة لضبط الأسعار يبقى أمرا ضروريا، كما أن هدف الدولة استيراد الزيت البلدية في نهاية المطاف هو جعل المادة الحيوية في متناول المستهلك المغربي، وفي حالة ارتفع ثمنها مقارنة مع المنتوج الملي فلا داعي لاستيرادها، لذلك يجب أن يكون ثمنها أقل من ثمن الزيت المغربية. وأضاف أن المستوردين الذين سيقومون بعملية الاستيراد يجب أن يخضعوا لدفتر التحملات، وبيع الزيت بأثمنة تنافسية تتماشى مع التسهيلات التي ستتخذ كخفض الضريبة على القيمة المضافة، وضرورة مراقبة التوزيع في الأسواق حتى لا يتكرر سيناريو لحوم أضاحي عيد الأضحى.
ليس كل تجار الزيوت محتالين لكن فئة منهم جعلت المستهلك يقتني الزيت والشك يتملكه، ولا يقوم بشرائها إلى من عند تاجر ثقة، لكن هذا التاجر قد يقع بدوره ضحية غش.
ويرجع بعض المهنيين أن السبب في نقص مردودية الزيتون هذه السنة يعود لسببين الأول الجفاف ونقص المياه، ثانيا اضطرار مالكي أشجار الزيتون إلى جنيه قبل الوقت بسبب السرقات التي تتعرض له أشجار الزيتون من طرف اليافعين واللصوص لبيعه، وعدم منحه فرصة لتلقي المزيد من الأمطار خاصة في المناطق التي تعرف تساقطات تظل غير كافية على الرغم من أهميتها، لذلك تبقى عملية الاستيراد مهمة ما دامت لن تتعرض الزيت لواقع "الزيت الحرة" المغربية التي شهدت ارتفاعا صاروخيا حرم الأسر المائدة المغربية منها.