وزير الصحة يعترف باختلالات قطاعه ومعاناة المرضى

الكاتب : عبد اللطيف حيدة

18 نوفمبر 2024 - 04:00
الخط :

لم يعد غضب المغاربة من سوء خدمات المستشفيات العمومية مجرد ادعاء أو تعبير عن غضب لحظي، بل أصبح اعترفا رسميا من قبل الوزير المشر على تدبير قطاع الصحة.
وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، أقر واعترف أمام نواب الأمة بالأزمة الحقيقية التي يعيشها المغاربة مع المستشفيات العمومية وما يواجهونه من سوء الخدمات.

وأفاد التهراوي، ضمن تقرير وضعه بين يدي البرلمانيين، على هامش مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2025، أن متوسط فترة الانتظار للحصول على موعد لإجراء تصوير إشعاعي في المستشفيات المغربية يصل إلى 51.2 يوماً.
وأضاف الوزير في حكومة أخنوش أن متوسط انتظار المغاربة من أجل إجراء استشارة طبية متخصصة تتجاوز 43.5 يوماً.
ويبدو أن الواقع سيء بكثير مقارنة مع المعطيات التي قدمها وزير الصحة.
وسبق أن اشتكى الكثير من المرضى، بعضهم تحدثوا "للجريدة24" في وقت سابق أفادوا أنهم حصلوا على موعد بعد سنة من أجل إجراء تصوير إشعاعي بمستشفى "موريزكو" بالدار البيضاء ومستشفى محمد الخامس بطنجة، وهو مثال ينطبق على الكثير من مستشفيات البلاد.
الأكثر من ذلك، توصلت الجريدة بمعلومة مؤكدة تفيد أن أحد المستشفيات اتصلوا بعائلة أحد المرضى الذي كان حجز موعدا من أجل إجراء تصوير اشعاعي، قبل أن يجدوه بأنه توفي من نفس المرض الذي كان ينتظر أن يخضع فيه للعلاج بالمستشفى المشار إليه.

أرقام مقلقة

الأرقام التي كشفت عنها ويزر الصحة، والمعطيات التي تصل من داخل مستشفيات المملكة، تثير الكثير من التساؤلات حول جدوى البرامج والمخططات والاعتمادات المالية الكبيرة التي ترصد سنويا في قوانين المالية، وحول قدرة النظام الصحي في المغرب على تلبية احتياجات المواطنين بشكل فعال وسريع، خصوصاً في ظل تزايد الطلب على الخدمات الصحية والتحديات التي تواجه القطاع.

الأسباب الكامنة

أمام الاحتجاجات المتواصلت سواء من النقابات بقطاع الصحة أو من قبل الأطر الصبية أو من قبل زوار المستشفيات، لاسيما المرضى، ثبت أن الأسباب التي تدفع إلى طول مدة الحصول على فرصة العلاج وإجراء التصوير الاشعاعي ومتابعة العلاجات يرجع إلى عدة عوامل.
أولها نقص الكوادر الطبية والمعدات، إذ تعاني الكثير من المستشفيات من نقص في أعداد الأطباء المتخصصين والتقنيين، إضافة إلى محدودية أجهزة التصوير الإشعاعي والأجهزة الطبية الأخرى الضرورية.
ثانيها، الطلب المتزايد على الخدمات الصحية، وارتفاع عدد المرضى، إذ يشهد القطاع الصحي ضغطاً كبيراً بسبب الكثافة السكانية وارتفاع معدلات الأمراض المزمنة.
ثالثها، التوزيع غير المتكافئ للبنية التحتية، إذ يتركز معظم الأطباء والأجهزة الحديثة في المدن الكبرى، مما يخلق فجوة بين المناطق الحضرية والقروية.
رابعها، تهاون بعض الأطر الصحية بالمستفشيات عن أداء خدماتهم بالشكل الجيد والصحيح، وانشغال بعضهم بالعمل بالقطاع الخاص على حساب القطاع العام، وتلكؤ الإدارة في إصلاح الأجهزة الطبية التي تتعرض للأعطاب بين الحين والآخر.

التبعات السلبية

وتؤثر فترات الانتظار الطويلة بشكل مباشر على صحة المرضى، خاصة في الحالات التي تتطلب تدخلاً طبياً سريعاً.
وقد يؤدي التأخير في إجراء الفحوصات أو الحصول على الاستشارات الطبية إلى تفاقم الحالات المرضية وزيادة تكاليف العلاج على المدى الطويل، بل الأكثر من ذلك، قد يؤدي الأمر إلى وفاة بعض المرضى بسبب تأخر العلاج، وهي مسؤولية مباشرة تتحملها الحكومة، من خلال قطاعها الوصي.

ردود الفعل

واجهت هذه الأرقام انتقادات واسعة من المجتمع المدني والجمعيات المهتمة بالقطاع الصحي، التي دعت إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتحسين الأوضاع.
وسبق أن طالب العديد من الفاعلين، منهم البرلمانيون والنقابات العاملة بقطاع الصحة والمهنيين من الأطباء وعموم الأطر الصحية، بضرورة زيادة الاستثمار في القطاع الصحي، من خلال توفير المزيد من الأجهزة الطبية وتعزيز قدرات المستشفيات.
وتتعالى المطاب باستمرار من أجل توظيف كوادر طبية إضافية، مع تحسين ظروف عمل الأطباء لجذب المزيد من المتخصصين.
تعزيز اللامركزية، واحد المطالب التي أصبحت تتردد كثيرا على لسان لضمان توزيع عادل للخدمات الصحية في جميع أنحاء البلاد.

يذكر أنه تم تسجيل أكثر من 1.9 مليون موعد في سنة 2022، 34 في المائة منها تم عبر البوابة الإلكترونية "موعدي"، مقارنة بنسبة 17 في المائة فقط في سنة 2017.

 

آخر الأخبار