ترويج الأدوية عبر الإنترنت.. البرلمان يدعو لتحرك عاجل لحماية صحة المغاربة

يشهد المغرب في الآونة الأخيرة انتشاراً متزايداً للصيدليات الافتراضية غير المشروعة، التي أصبحت ظاهرة مثيرة للقلق بسبب تداعياتها الصحية الخطيرة على المواطنين.
وتروج هذه الصيدليات لمنتجات طبية ووصفات علاجية عبر الإنترنت، تشمل مستحضرات التجميل، أدوية الأمراض المزمنة، ومنتجات موجهة لعلاج المشاكل الجنسية، ما يجعلها تستهدف شريحة واسعة من المجتمع عبر منصات إلكترونية وإعلانات مكثفة.
وتتنوع أساليب التسويق التي تعتمدها هذه الجهات غير القانونية، حيث تُغري المستهلكين بأسعار منخفضة ووصفات طبية تُوصف بأنها "فعالة وسريعة". هذه الإعلانات تُبث عبر شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية، مستغلة جهل البعض بقوانين الأدوية أو حاجتهم لمنتجات تُباع عادة بوصفات طبية معقدة. ومع غياب الرقابة الفعالة على هذا النوع من التجارة الإلكترونية، يجد المواطنون أنفسهم أمام خطر محتمل يتعلق بتناول منتجات مجهولة المصدر وغير خاضعة لأي معايير رقابية.
وأكد خبراء في مجال الصحة، مرارا، أن الخطر الأكبر يتمثل في غياب الضمانات حول جودة المنتجات التي تُباع عبر هذه القنوات، مما يزيد من احتمالية التسبب في أضرار صحية جسيمة للمستهلكين.
فالأدوية التي تُسوّق عبر هذه المنصات، حسبهم، قد تحتوي على مواد فعالة غير مُعلنة، أو مكونات غير معتمدة من قبل الهيئات التنظيمية المختصة، كما أن سوء الاستخدام أو تناول هذه الأدوية دون إشراف طبي يزيد من فرص التسبب في مضاعفات صحية خطيرة، تصل إلى حد الوفاة في بعض الحالات.
ما يزيد الوضع تعقيداً هو أن بعض هذه المنتجات، خاصة المتعلقة بالأمراض المزمنة أو الضعف الجنسي، تجذب شريحة من المرضى الذين يبحثون عن حلول سريعة ورخيصة.
هؤلاء المرضى قد يُفضّلون شراء هذه المنتجات دون استشارة طبية لتجنب الكلفة المرتفعة للعلاج التقليدي أو بسبب الحرج الاجتماعي المرتبط ببعض الأمراض.
لكنهم يغفلون عن حقيقة أن هذه المنتجات قد تكون مزيفة، أو تحتوي على مكونات مضرة، أو تتسبب في تفاعلات خطيرة مع أدوية أخرى قد يتناولونها.
وتطالب العديد من الأصوات الحقوقية والطبية في المغرب بضرورة التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة، عبر تعزيز التشريعات المتعلقة بالتجارة الإلكترونية للأدوية وتشديد العقوبات على المخالفين.
كما دعت هذه الجهات إلى ضرورة توعية المواطنين بمخاطر شراء الأدوية من مصادر غير موثوقة، مع تشجيعهم على الاعتماد على الصيدليات الرسمية المصرح بها قانونياً للحصول على منتجات آمنة ومعتمدة.
وفي هذا الصدد، وجه المستشار البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة، عبد الرحمن الوفا، سؤالا شفويا إلى وزير الصحة والحماية الاجتماعية، حول انتشار ما بات يعرف بالصيدليات الافتراضية على مواقع التواصل الاجتماعي، وما تسببه من مخاطر صحية واقتصادية.
وأكد الوفا، أن هذه المنتجات يتم تداولها بشكل غير قانوني، مما يعرض صحة المواطنين لمخاطر كبيرة.
وأضاف أن هذه الشبكات تعتمد على استقطاب صيادلة وأطباء من المستشفيات العمومية أو العاملين في القطاع الخاص لتعزيز ثقة المستهلكين، وهو ما ينعكس سلبا على الصيدليات التقليدية، التي تواجه تراجعا حادا في معاملاتها المالية.
ودعا المستشار البرلماني لضرورة تفعيل القوانين الرادعة لمكافحة الأنشطة غير القانونية، وضمان حماية صحة المواطنين واستقرار القطاع الصيدلي، الذي يعتبر أحد الاعمدة الأساسية في المنظومة الصحية.
ويبدو أن التصدي لظاهرة الصيدليات الافتراضية غير المشروعة يتطلب تضافر الجهود بين الحكومة والقطاع الصحي والمجتمع المدني، مع تعزيز الوعي المجتمعي بخطورة هذه الأنشطة على الصحة العامة.
في ظل استمرار الترويج لهذه المنتجات المريبة، تظل حياة وسلامة المواطنين رهينة بمدى فاعلية التدخل الحكومي وسرعة التحرك لوضع حد لهذا الخطر الذي يتسلل إلى المنازل عبر شاشات الهواتف وأجهزة الكمبيوتر.