جدل ساخن تحت قبة البرلمان.. هل تعطل الحكومة الحوار الاجتماعي؟

الكاتب : انس شريد

21 نوفمبر 2024 - 10:00
الخط :

شهد مجلس المستشارين انتقادات لاذعة من المعارضة تجاه الحكومة بسبب ما وصفوه بتعطيل الحوار الاجتماعي، مما أثار جدلاً واسعًا حول مدى التزام الحكومة بالاتفاقات السابقة مع النقابات، وخصوصًا تلك المنصوص عليها في اتفاق أبريل 2022.

المعارضة، التي لم تخفِ استياءها، حيث وجهت انتقادات حادة إلى الحكومة، خلال جلسة مناقشة قانون المالية 2025، متهمة إياها بتعطيل الحوار الاجتماعي خلال دورة شتنبر 2024، حيث لم تنعقد لحد اللحظة.

وعبّر لحسن نازهي، منسق مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، عن استغرابه الشديد لتعطيل مؤسسة الحوار الاجتماعي خلال دورة شتنبر 2024، واصفًا الأمر بأنه "تنصل واضح وسافر" من التزامات الحكومة.

وأشار إلى أن الحكومة، بدلاً من فتح حوار جاد ومسؤول، بادرت بمباشرة المسطرة التشريعية لمشاريع قوانين اجتماعية مثيرة للجدل، من بينها قانون الإضراب ومشروع قانون 54.23 المتعلق بنقل إدارة التأمين الإجباري عن المرض الخاص بالقطاع العام إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

وأكد نازهي أن الحكومة خرقت ميثاق الحوار الاجتماعي بإعداد مشاريع القوانين الاجتماعية دون التشاور مع النقابات، واصفًا هذا النهج بـ"الخطوة غير المحسوبة".

كما دعا إلى ضرورة مناقشة والتوافق على كل القوانين الاجتماعية، مشددًا على أن الحكومة مطالبة بتبني مقاربة تشاركية حقيقية.

من جهته، ركز خالد السطي، عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، على غياب الالتزام الحكومي بعقد جولات الحوار الاجتماعي، كما ينص عليه اتفاق 25 أبريل.

وأشار إلى أن الحوارات القطاعية تعاني من تقلبات وتعثرات مستمرة، لافتًا إلى أن بعض القطاعات لم تتجاوب بشكل إيجابي مع الشركاء الاجتماعيين، مما يعكس ضعفًا في التزام الحكومة بالمأسسة الفعلية للعلاقة مع النقابات.

منتقدًا إقصاء نقابته، التي تُعد القوة الثالثة في القطاع الخاص، من عدد من المؤسسات الدستورية والوطنية.

السطي أثنى على بعض الجهود الحكومية في الحوار الاجتماعي، مثل الزيادات في الأجور وتخفيض الضرائب، ولكنه شدد على أن تلك الإجراءات ليست كافية لتلبية الاحتياجات المتزايدة.

ووجه دعوة للحكومة إلى الالتزام بمخرجات اتفاق 2022، خصوصًا المتعلقة بإحداث مؤسسات كأكاديمية التكوين في مجال الشغل والمرصد الوطني للحوار الاجتماعي.

في مواجهة هذه الانتقادات، ردت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، بأن الحوار الاجتماعي حقق نجاحات كبيرة، مشددة على ضرورة الحفاظ عليه لإخراج قوانين حيوية في المرحلة المقبلة.

وأكدت الوزيرة أن الحكومة لم تأت بأي قانون دون توافق مسبق مع النقابات، داعية إلى تفادي التشكيك في منهجية الحوار.

واستعرضت فتاح التحديات التي تواجه الدولة، مؤكدة أن التركيز على توفير فرص الشغل وتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية يمثل أولوية خلال المرحلة القادمة.

وأشارت إلى أهمية السجل الاجتماعي الموحد، الذي اعتبرته خطوة محورية لتوجيه الدعم الاجتماعي بشفافية.

أما فوزي لقجع، الوزير المنتدب في الميزانية، فقد أوضح أن الحكومة الحالية عملت على مأسسة الحوار الاجتماعي وجعله دوريًا، في محاولة لتصحيح خيارات حكومية سابقة تسببت في غياب هذه الآلية.

وشدد على أن الحكومة تبذل جهودًا كبيرة لتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، مع الالتزام بتطبيق الاتفاقيات السابقة.

ويبقى الحوار الاجتماعي محط اختبار لمدى قدرة الحكومة والنقابات على تجاوز الخلافات، خصوصًا مع استمرار المطالب بتسريع وتيرة الإصلاحات الاجتماعية، كقانون الإضراب ومدونة الشغل وقانون النقابات.

ويبقى السؤال: هل تستطيع الحكومة إقناع الشركاء الاجتماعيين بجدية مقاربتها، أم أن التوتر سيظل سيد الموقف؟

آخر الأخبار