التسول في المدن السياحية.. بين الجهود الحكومية وتحديات القضاء على الظاهرة

الكاتب : انس شريد

23 نوفمبر 2024 - 08:30
الخط :

لا تزال ظاهرة التسول تؤرق المدن المغربية، خصوصاً تلك التي تعتمد على السياحة كركيزة أساسية في اقتصادها، حيث أصبحت هذه الظاهرة تشوه سمعة المغرب كوجهة سياحية مميزة.

ورغم الجهود المبذولة من طرف الحكومة، فإن شوارع المدن الكبرى، مثل مراكش والدار البيضاء، لا تزال تشهد انتشاراً واسعاً للمتسولين، مما يثير تساؤلات حول فعالية الإجراءات المعتمدة وما إذا كانت كافية للقضاء على هذه الآفة.

وتناقل عدد من السياح الأجانب الذين زاروا بعض المدن الساحلية خاصة مراكش مقاطع وتدوينات مثيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تكشف عن تجاربهم مع ممارسات غير مألوفة.

ولم تعد هذه الظواهر تقتصر على الأساليب التقليدية لطلب المال، بل أصبحت تتخذ أشكالاً أكثر ذكاءً، مثل استدراج السياح في جولات داخل الأزقة القديمة وإيهامهم بخدمات مميزة، لينتهي الأمر بمطالبتهم بمبالغ مالية تحت ذرائع مختلفة.

في هذا السياق، بدأت تتعالى أصوات المعارضة البرلمانية، مطالبةً باتخاذ خطوات أكثر حدة لمواجهة هذه المشكلة، خاصة أن المغرب مقبل على استضافة أحداث رياضية كبرى مثل كأس أمم إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030.

هذه الفعاليات تستدعي بيئة حضرية آمنة وجذابة للسياح والمستثمرين، وهو ما قد يتعرض للخطر بسبب استمرار ظاهرة التسول وتشرد الأطفال.

في إطار الرد الرسمي على هذه التحديات، كشف وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت في جوابه على سؤال كتابي تقدمت به النائبة البرلمانية عزيزة بوجريدة، عن الفريق الحركي، عن مجموعة من الإجراءات التي تم اتخاذها في مراكش، إحدى أهم المدن السياحية في المملكة، للحد من هذه الظاهرة.

وخلال التسعة أشهر الأولى من السنة الجارية، حسب لفتيت، فقد تمت معالجة 2514 قضية تتعلق بالتسول، حيث أُوقف 2557 شخصاً، من بينهم 181 شخصاً من جنسيات أجنبية، معظمهم من دول إفريقيا جنوب الصحراء.

هذه الأرقام تعكس الجهود المكثفة التي تبذلها السلطات الأمنية في مكافحة التسول والحد من انتشاره في الأماكن العامة التي يرتادها السياح.

كما أكد لفتيت، تم إخضاع 2020 من هؤلاء الأشخاص لتدابير الحراسة النظرية، بينما أُخلي سبيل 541 منهم بناءً على تعليمات النيابة العامة. يشمل الموقوفون 2039 شخصاً بالغاً و518 قاصراً، مما يبرز استغلال الأطفال كعامل أساسي في انتشار هذه الظاهرة.

وأشار الوزير إلى أن هذه العمليات الأمنية تتم في إطار استراتيجية وطنية شاملة لمحاربة الجريمة بجميع أشكالها، مشيراً إلى أن التسول ليس فقط ظاهرة اجتماعية، بل يرتبط بمظاهر أخرى من الانحراف، مثل استغلال الأطفال وتشردهم، وتسول الأجانب غير القانونيين في الشوارع والمدارات الرئيسية.

وتم توظيف مختلف الأجهزة الأمنية، بما في ذلك وحدات الأمن العمومي والشرطة القضائية، بالإضافة إلى الرصد عبر كاميرات المراقبة في الأماكن الحساسة.

أشار الوزير أيضاً إلى أن مكافحة التسول تستند إلى شراكة بين مختلف المصالح الأمنية والمحلية، حيث يتم تسخير كافة الموارد البشرية والتكنولوجية لرصد المتسولين والتدخل فوراً لوقف هذه الأنشطة غير القانونية.

كما أوضح أن التدخلات الأمنية تركز بشكل خاص على المحطات الطرقية والسككية، والمساجد، والأضرحة، والأسواق، وهي الأماكن التي تشهد انتشاراً كبيراً للمتسولين.

من ناحية أخرى، أوضح لفتيت أن هناك توجهين في التعامل مع هذه الظاهرة: الأول زجري يُفعَّل وفق مقتضيات القانون الجنائي، والثاني اجتماعي يستهدف الأطفال والمراهقين المتورطين في التسول.

في هذا السياق، يتم التنسيق مع النيابة العامة والهيئات المعنية لوضع حلول إصلاحية وإعادة دمج هؤلاء الأطفال في المجتمع، بينما يُعامل المعتادون على التسول أو من يستغلون الأطفال بشكل زجري.

ولكن يبقى السؤال الأكبر الذي تطرحها الفعاليات المدنية، هل ستتمكن هذه الإجراءات من القضاء على التسول بشكل نهائي، أم أن التسول سيظل ظاهرة يصعب اقتلاعها من جذورها في المجتمع المغربي؟

آخر الأخبار