نحو العصرنة دون المساس بالروح.. سوق درب غلف ورهان تحسين صورة الدار البيضاء

الكاتب : انس شريد

24 نوفمبر 2024 - 09:30
الخط :

وسط أزقة متشابكة وأسقف معدنية متهالكة، يتردد صدى صوت الحياة اليومية في سوق درب غلف، القلب النابض لتجارة الأجهزة الإلكترونية في الدار البيضاء.

لسنوات طويلة، ظل هذا السوق رمزًا للتجارة غير الرسمية، ومصدرًا لا غنى عنه للأجهزة المستعملة، والقطع النادرة، والإصلاحات التقنية.

الآن، وبعد سنوات من الإهمال، تقف المدينة على أعتاب مشروع طموح سيعيد صياغة هذا الفضاء التجاري بطريقة عصرية، دون المساس بهويته المميزة.

المشروع الجديد، الذي يأتي في إطار خطة تنموية كبرى استعدادًا لاستضافة المغرب لكأس العالم 2030 بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال، يهدف إلى تحويل السوق إلى مركز اقتصادي عصري.

وقال عبد الصادق مرشد، رئيس مجلس مقاطعة المعاريف، مرارا أن الهدف هو إعادة تأهيل السوق، قائلاً: "لقد كان سوق درب غلف على مدى عقود رمزًا للتجارة الحيوية، ولكنه بحاجة ماسة إلى التحديث.

مضيفا: "نحن نطمح إلى تحويله إلى فضاء حديث يلبي احتياجات التجار والمستهلكين، مع الحفاظ على طابعه الفريد."

وفقا لما توصلت به "الجريدة 24" فالمخططات تشمل إزالة الفوضى والعشوائية التي لطالما ميّزت السوق. سيتم إنشاء محلات تجارية حديثة بمواصفات واضحة، لن يتجاوز ارتفاعها طابقين، إضافة إلى مواقف سيارات تحت الأرض ومساحات خضراء.

كما سيتضمن المشروع مرافق جديدة، مثل مسجد ومنطقة خاصة بالحرفيين الذين كانوا ينتشرون بشكل غير منظم حول السوق.

داخل السوق، تعكس آراء التجار مزيجًا من الحماس والتخوف.

وفي حديثه للجريدة 24، قال عبد المنعم مدكر، رئيس جمعية تجار درب غلف بمدينة الدار البيضاء: "نحن متحمسون جدًا لفكرة التحديث، نحتاج إلى الإنارة والماء والبنية التحتية الحديثة، لكننا قلقون من أن يتم تغيير هوية السوق".

مؤكدا: "نحن نريد الحفاظ على روح الجوطية التي تجعل درب غلف مميزًا."

المخاوف من تعطيل النشاط التجاري أثناء فترة الأشغال كانت واضحة أيضًا في نفوس التجار.

وأعرب أحد التجار، في حديثه للجريدة 24، عن قلقه قائلاً: "إذا تم إغلاق السوق لفترة طويلة، فقد نخسر كل شيء.

مبرزا: "نأمل أن تكون الأشغال تدريجية وأن تتيح لنا الاستمرار في العمل خلال هذه الفترة."

وفي المقابل، تراهن الجهات المنتخبة على تنفيذ المشروع على مراحل لتجنب أي انقطاع في النشاط.

واحدة من أبرز الإشاعات التي رافقت الحديث عن المشروع كانت نقل السوق إلى موقع آخر، على غرار ما حدث مع بعض الأسواق الكبرى الأخرى في المدينة.

لكن المسؤولين أكدوا أن هذه الفكرة غير واردة، حيث سيظل السوق في مكانه الحالي، ولن يتغير موقعه أو طابعه.

وتراهن الجهات المنتخبة على مستوى مقاطعة المعاريف، حسب ما توصلت به الجريدة 24، على الحفاظ على تقسيم الواضح في السوق، حيث يباع كل شيء من الألعاب إلى الهواتف الذكية وقطع الغيار، بطريقة منظمة.

كما أن هناك رهان كبير في تنظيم الأزقة والشوارع لتصبح أكثر سهولة وراحة للزوار، مع خلق بيئة منظمة وآمنة تلبي احتياجات التجار والعملاء على حد سواء.

إعادة تأهيل سوق درب غلف ليست مجرد مشروع حضري، بل هي خطوة نحو تحقيق رؤية أكبر لتحسين جودة الحياة في المدينة وتعزيز دورها الاقتصادي. مع اقتراب كأس العالم 2030، يحمل هذا المشروع رمزية كبيرة، حيث يعكس التزام المغرب بتقديم صورة حديثة ومتطورة للعالم.

بعيون ملؤها الأمل، يترقب التجار وزوار السوق اليوم الذي يصبح فيه درب غلف رمزًا جديدًا للعصرنة والتنمية، دون أن يفقد الروح التي جعلته جزءًا لا يتجزأ من حياة الدار البيضاء.

آخر الأخبار