محتويات خادشة وقلق متزايد.. الحكومة تراهن على التفاوض مع المنصات الرقمية

الكاتب : انس شريد

26 نوفمبر 2024 - 10:00
الخط :

في السنوات الأخيرة، أصبح انتشار المحتويات الخادشة للحياء وغير الأخلاقية عبر منصات التواصل الاجتماعي، وخاصة تطبيق "تيك توك"، مصدر قلق متزايد في المجتمع المغربي.

هذه الظاهرة، التي تندرج في إطار ما يطلق عليه "التفاهة"، تهدد القيم الاجتماعية والثقافية، وتثير استياء واسعًا من مختلف الأطياف المجتمعية والسياسية.

وتتضمن هذه المحتويات مقاطع تتناول الفساد الأخلاقي والإساءات اللفظية، مما يجعلها هدفًا للانتقادات، خصوصًا في ظل تأثيرها السلبي على الشباب والأطفال الذين قد يتعرضون لها دون رقابة.

وأمام هذا الواقع، بات من الضروري أن تتخذ الجهات المعنية خطوات فعالة للحد من هذا الانتشار.

خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين، عبّر مستشارو المعارضة عن قلقهم العميق من هذه الظاهرة، مشددين على أن الحكومة تتحمل مسؤولية رئيسية في التصدي لها من خلال تعزيز الرقابة وفرض قوانين صارمة لضمان بيئة رقمية آمنة.

من جهته، كشف وزير الشباب والثقافة والتواصل، المهدي بنسعيد، أن المغرب انضم إلى تكتل عربي يسعى إلى فتح حوار مع إدارة "تيك توك" للتصدي للإشكاليات المرتبطة بمحتواه.

وأوضح الوزير أن إدارة التطبيق وافقت على فتح مكتب في المغرب، مما يتيح فرصة للتأثير على محتوى المنصة بما يتناسب مع الثقافة والقيم المغربية.

الوزير بنسعيد أكد أيضًا أهمية دور الأسرة في مراقبة استخدام الأطفال للتكنولوجيا، داعيًا الأسر إلى تحمل مسؤوليتها في هذا الجانب.

لكنه لم يغفل دور الحكومة في إطلاق مبادرات توعية وتحسيسية تهدف إلى توجيه الشباب نحو استخدام إيجابي وآمن للتكنولوجيا.

وأشار بنسعيد إلى صعوبة فرض حظر كامل على المنصة، نظرًا لوجود تقنيات مثل "VPN" التي تتيح التحايل على القيود الجغرافية.

وبدلًا من ذلك، أكد على أهمية تعزيز التكتل الإقليمي مع الدول العربية للتفاوض مع المنصات الكبرى مثل غوغل وفيسبوك وأمازون من أجل وضع ضوابط تحد من انتشار المحتويات المسيئة وتتماشى مع القيم المحلية.

المثير للاهتمام هو أن الحكومة لا تواجه فقط تحديات تتعلق بمحتوى تيك توك، بل ترى أن الأمر جزء من إشكالية أكبر مرتبطة بالتحولات الرقمية وتأثيرها على القيم والمجتمع.

وبحسب الوزير، فإن هذه المنصات تعتبر نفسها كيانات مستقلة، ما يجعل التفاوض معها يتطلب قوة جماعية، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي.

ورغم الخطوات التي تم الإعلان عنها، لا تزال الكثير من الأسئلة مطروحة حول فعالية هذه التدابير وقدرتها على التصدي للظاهرة المتفاقمة.

ومع استمرار تصاعد القلق الشعبي والضغط السياسي، يبقى النجاح في معالجة هذه الأزمة مرهونًا بالتزام مشترك بين الحكومة والمجتمع.

ويظل التحدي الأكبر هو إيجاد توازن بين الحفاظ على حرية التعبير واحترام القيم المجتمعية، وهو ما يتطلب رؤية استراتيجية وإجراءات ملموسة لإحداث تغيير حقيقي في بيئة الإنترنت بالمغرب.

آخر الأخبار