الجزائر: "بوعالم صنصال".. مثقف صدح بالحق ووجد نفسه مهددا بعدم رؤية الشمس مجددا

سمير الحيفوفي
تهم ثقيلة أنزلها القضاء المسخر من العسكر في الجزائر، على كاهل "بوعالم صنصال"، الروائي الجزائري والمتمتع بالجنسية الفرنسية، إذ وجد نقسه متابعا بمقتضى قانون الإرهاب، بعد اتهامه بالاعتداء على الدولة الجزائرية، بسبب ما صرح به في حوار له مع قناة "Frontières" الفرنسية على "يوتيوب".
وكانت صحيفة "Marianne" الفرنسية أعلنت عن اعتقال "بوعالم صنصال"، 75 عاما، يوم السبت 16 نونبر 2024، في مطار الجزائر بمجرد عودته من فرنسا، لتنقطع أخباره، إلى حين إعلان محاميه "فرانسوا زيميراي"، أن النيابة العامة المتخصصة في قضايا الإرهاب بالجزائر، تابعته بتهم فصلت بشكل سيحجب عنه الشمس لسنوات طويلة.
ويكفي أن يفتح أحد الجزائريين فمه ليجد نفسه متابعا، بالإرهاب من لدن النظام العسكري الجزائري، إذ فيما استأنس المفكر الفرنكفوني، لحقائق تاريخية حين تطرقه لمسألة الخلاف القائم بين المغرب والجزائر، وأفاد بأن الأخيرة لا يروقها استقرار المملكة وأنها تسعى لتقويضه بعد خلقها "بوليساريو" بالاستمرار في تمويلها، ليعتبر النظام العسكري هذه التصريحات "مساسا بالوحدة الوطنية".
كذلك، أكد "بوعالم صنصال" صاحب رواية "2084"، على أن فرنسا اقتطعت أجزاء شاسعة من الأراضي المغربية وألحقتها بمقاطعتها في شمال إفريقيا، التي تسمى الجزائر الآن، وهو أمر يؤكده الأرشيف الفرنسي، غير أن تصريحات الروائي، جرت عليه غضب العسكر، ليجري التربص به لحين اعتقاله بعد حلوله بالجزائر قادما من فرنسا.
اللافت أن التهم التي وجهت إلى "بوعالم صنصال"، عقوبتها السجن المؤبد، وهو أمر ينوي النظام العسكري الجزائري المضي فيه قدما، بعدما كان سلط أبواقه ضد المثقف الذي كسر حاجب الباطل، ليجري وصفه بـ"الدمية" و"المنكِر المشكك في جود الجزائر واستقلالها وحدودها"، كما جاء في قصاصة نشرت يوم الجمعة 22 نونبر 2024.
وكان "بوعالم صنصال" قال من بين ما قاله في حواره مع القناة الفرنسية، إن "فرنسا لم تستعمر المملكة المغربية.. لأنها دولة عظمى.. لكن من السهل استعمار الدويلات أو التجمعات البشرية التي بلا تاريخ"، في تلميح واضح منه لانعدام وجود أمو جزائرية عند احتلال فرنسا للأراضي شرق المملكة لـ132 سنة، لحين تكوين الجزائر في 1962.
وعزز الروائي الفرنكفوني طرحه بالإشارة إلى أن ألمانيا وخلال الحرب العالمية الثانية، اجتاحت فرنسا، لكنها لم تستطع أبدا استعمارها، لماذا؟ "لأنها دولة عظمى"، قبل أن يحيل على أن العلاقة بين المغرب والجزائر، قائمة على تنكر الأخيرة لفضائل المملكة عليها من أجل نيل استقلالها.
ولفت "بوعالم صنصال" الانتباه إلى أن الملك الراحل محمد الخامس، مكن الجزائريين بكل ما طلبوه، وساعدهم ماليا ودبلوماسيا، بعدما أخذ منهم تعهدا باستعادة الأراضي المغربية التي ألحقها المستعمر الفرنسي بمقاطعة الجزائر، لكنهم انقلبوا عليه، وأنشؤوا فيما بعد "بوليساريو"، من أجل تقويض تقدمه ومنع الجزائريين من إقامة مقارنات بين بلادهم وبين المملكة المغربية.