3465 قضية رائجة تُطوّق جماعة الدار البيضاء.. والبرلمان يدخل على الخط

في قلب العاصمة الاقتصادية للمملكة، تواجه جماعة الدار البيضاء تحديات مالية وقانونية كبيرة، تهدد بنسف توازنها المالي وإضعاف قدرتها على تنفيذ مشاريع تنموية.
ملف شائك يحمل بين طياته العديد من الأحكام القضائية التي تراكمت على مدار السنوات، لتصل إلى ذروتها في العام 2024.
معضلة ليست بالجديدة، لكنها اليوم تتخذ أبعادًا أكثر تعقيدًا مع تصاعد الضغوط السياسية والقانونية.
في مشهد يعكس حجم الأزمة، وجهت النائبة البرلمانية عن حزب التقدم والاشتراكية لبنى الصغيري سؤالًا إلى وزير الداخلية، تُسلّط فيه الضوء على الوضع الكارثي. لم يكن السؤال مجرد توضيح للإشكالية، بل جاء ليكشف عن تراكم 3465 قضية، منها 2552 مرفوعة ضد الجماعة خلال هذا العام فقط.
هذا الكم الهائل من الدعاوى، جعل من الجماعة أشبه بصندوق بارود على وشك الانفجار.
وتعود جذور الأزمة إلى ملفات قديمة، أقدمها يعود إلى أكثر من عقدين، حسب ما كشفت عنه لبنى الصغيري.
ملف إحدى الشركات الذي ظل عالقًا في أروقة المحاكم منذ 24 عامًا، يُجسّد مثالًا صارخًا على معاناة المتقاضين في انتظار تنفيذ الأحكام.
ورغم صدور حكم نهائي ومؤيد استئنافيًا لصالح الشركة، إلا أن التنفيذ ما زال يراوح مكانه، مما يزيد من تأجيج الوضع ويطرح تساؤلات حول فعالية القضاء الإداري.
ولم تكتفِ لبنى الصغيري، بعرض الأرقام والحقائق، بل اعتبرت أن تنفيذ الأحكام القضائية يشكل ركيزة أساسية لدولة الحق والقانون، مؤكدة أن الدستور المغربي في فصله 126 ينص صراحة على إلزامية تنفيذ الأحكام النهائية على الجميع، دون استثناء.
مسائلةً الوزير عن الإجراءات والتدابير التي سيتخذها في اتجاه تفعيل احترام مسطرة تنفيذ الأحكام القضائية.
وفي ظل هذه الأوضاع المتأزمة، كشفت عمدة الدار البيضاء نبيلة الرميلي، في وقت سابق، رؤية المجلس الجماعي حول الحلول الممكنة.
خلال تصريحاتها الأخيرة، أعلنت الرميلي أن المجلس سيخصص 20 مليار سنتيم لسداد بعض من هذه الأحكام في السنة المقبلة، مع تقسيم باقي المبالغ على السنوات القادمة.
ورغم أن هذه الخطوة تعكس جدية المجلس في التعامل مع المشكلة، إلا أنها تبدو أشبه بمسكنات مؤقتة لا تعالج جذور الأزمة.
وكشفت الرميلي خلال إحدى الدورات، عن خطط لاسترجاع ممتلكات الجماعة التي تعاني من الإهمال وسوء التدبير، سواء من خلال تأجيرها بأثمنة زهيدة أو بسبب عدم تحفيظها.
هذه الأملاك، إذا تمت إدارتها بشكل سليم، يمكن أن تصبح أداة فعالة لتخفيف الأعباء المالية.
منذ عام 2021، نجح المجلس في رفع مداخيله إلى مليار درهم، لكن المدينة التي تُعتبر القلب الاقتصادي للمغرب تحتاج لأكثر من ذلك بكثير.
إذ أكدت العمدة أن توفير 10 مليارات درهم سنويًا بات ضرورة ملحّة لمواكبة التجهيزات الأساسية، والتعامل مع المشاريع الكبرى التي قد تُشكل قفزة نوعية للمدينة.
بين تراكم الأحكام وعبء التنفيذ، يبقى السؤال معلقًا: هل تنجح جماعة الدار البيضاء في تجاوز هذه الأزمة العميقة، أم ستظل رهينة دوامة قانونية ومالية لا نهاية لها؟