تكافؤ الفرص على المحك.. هل ينصف الإصلاح طلاب التعليم العمومي؟

الكاتب : انس شريد

28 نوفمبر 2024 - 09:30
الخط :

في قلب نقاش حامي الوطيس داخل أروقة البرلمان، أثار وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، موجة من الجدل بتصريحاته حول التفاوت الكبير بين التعليم العمومي والخاص، لا سيما في ولوج كليات الطب.

حديث الوزير خلال تعقيبه على تدخلات المستشارين خلال مناقشة الميزانية الفرعية بوزارته بلجنة للتعليم الغرفة الثانية لم يكن مجرد كشف عن أرقام صادمة، بل فتح الباب على مصراعيه لنقاش أعمق حول تكافؤ الفرص ومستقبل التعليم في المغرب.

وألقى برادة الضوء على حقيقة مثيرة، وهي أن 75% من طلاب كليات الطب في المغرب ينحدرون من التعليم الخاص.

رقم مثير للقلق كشف، وفقًا له، عن مدى الفجوة بين المدرستين العمومية والخاصة.

لكن الوزير لم يتوقف عند سرد الأرقام، بل حاول تبريرها بقوله إن الأسر التي تستثمر في تعليم أبنائها عبر المدارس الخاصة تكون أكثر حرصًا على تتبع مسارهم التعليمي.

هذا التبرير لم يخلُ من إثارة، حيث وضع في الميزان مدى تأثير الأسرة في نجاح الطالب، وليس المدرسة وحدها.

أثناء رده على مداخلات المستشارين، لم يُخفِ برادة تقديره لدور المدارس الخاصة، مؤكدًا أنها تساهم في تخفيف العبء عن الدولة بتكفلها بمليون تلميذ.

لكنه، في الوقت ذاته، لم يتردد في طرح تساؤل جوهري: "أين تكافؤ الفرص؟" إشارة واضحة إلى أن جودة التعليم في القطاع الخاص لا تزال تخلق فجوة تُصعّب على طلاب التعليم العمومي المنافسة، خاصة في كليات تتطلب معدلات مرتفعة مثل الطب.

في محاولة لمعالجة هذا الوضع، كشف الوزير عن خطة طموحة لخفض نسبة طلاب التعليم الخاص في كليات الطب من 75% إلى 30%، مع تعزيز فرص طلاب التعليم العمومي ليشكلوا 70% من المقبولين.

لتحقيق هذا الهدف، تعمل الوزارة على مبادرات مثل "المدارس الرائدة" التي توفر دعمًا إضافيًا للطلاب المتأخرين عبر برامج مثل "Tarl".

كما أشار إلى أن الأساتذة في المدارس العمومية يقدمون ساعات إضافية لتعويض النقص، خطوة وصفها بأنها تجسيد للمدرسة العمومية الجديدة.

وكان الوزير برادة، قد تعرض خلال جلسات البرلمان السابقة لانتقادات حادة من نواب المعارضة، الذين اعتبروا أن أسلوبه في الرد على الأسئلة البرلمانية يفتقر للوضوح والفورية.

وذهب البعض إلى القول بأن حضوره دون إجابات ملموسة يجعل وجوده في البرلمان بلا جدوى، في إشارة إلى حادثة وقعت في جلسة سابقة مع برلمانيين أطفال، عندما فشل الوزير في تقديم ردود مقنعة.

هذا التوتر داخل قبة البرلمان يعكس الضغوط المتزايدة على وزارة التربية الوطنية، خاصة في ظل تعالي الأصوات المطالبة بإصلاح جذري للنظام التعليمي.

وبينما يسعى الوزير إلى طمأنة الرأي العام بأن الإصلاحات جارية على قدم وساق، يبدو أن المعركة من أجل تكافؤ الفرص لا تزال طويلة ومعقدة، في ظل استمرار التحديات الهيكلية التي تواجه المدرسة العمومية.

آخر الأخبار