المعارضة تتهم الحكومة بالتقصير.. ولقجع يرد بقوة: نحن ملتزمون بالواقعية

في جلسة شديدة التوتر بمجلس المستشارين اليوم، وُجهت سهام النقد الحادة من المعارضة للحكومة بسبب أدائها في عدد من الملفات الحساسة.
وتمحور النقاش حول مشروع قانون المالية للسنة 2025، الذي وصفته المعارضة بأنه يفتقر إلى الحلول الجذرية لمعالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه البلاد.
ولم تتردد أحزاب المعارضة، وعلى رأسها الفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية والفريق الحركي، في رفع نبرة الانتقاد، معتبرة أن الحكومة أخفقت في التصدي للفساد وحماية المال العام، وهو ما يكلف المغرب مليارات الدراهم سنويًا.
وأشار يوسف أيدي، رئيس الفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية، في كلمته خلال جلسة المناقشة العامة لمشروع قانون المالية 2025، إلى أن الحكومة فشلت في الوفاء بتعهداتها بمكافحة الفساد وتحقيق النزاهة الإدارية.
وأكد أن تراجع المغرب في مؤشر إدراك الفساد بخمس نقاط خلال السنوات الأخيرة يعكس ضعف السياسات الحكومية. كما أثار قضية تضخم الأسعار، خاصة المحروقات، التي حققت فيها الشركات أرباحًا هائلة على حساب المواطن.
وتساءل أيدي: "أين الحكومة من التزاماتها بتعزيز الشفافية ومحاربة الغش الاقتصادي؟".
وأضاف أن الحكومة تتذرع بـ"التضخم المستورد"، لكنها لا تقدم حلولًا للمضاربة والاحتكار المحليين.
في سياق متصل، انتقد امبارك السباعي، رئيس الفريق الحركي، أداء الحكومة في ملفات التعليم والصحة والسكن.
واعتبر أن السياسات المتبعة فشلت في تحقيق الغايات الاستراتيجية المحددة من قبل الملك محمد السادس، مثل توفير تعليم ناجع وصحة للجميع وشغل قار وسكن لائق.
كما أشار إلى أن برامج السكن لا تراعي الخصوصيات المجالية لسكان البوادي والجبال، مما يجعلها بعيدة عن العدالة والإنصاف.
أما على صعيد السياسات الصحية، حذر السباعي من خطر فقدان الطابع العمومي للخدمات الصحية، مشيرًا إلى غياب رؤية استراتيجية شاملة للتشغيل، إذ لم تحقق برامج مثل "أوراش" و"فرصة" الأثر المأمول.
كما دعا إلى مراجعة آليات تمويل ورش الحماية الاجتماعية، مطالبًا الحكومة بتقييم موضوعي للإنجازات في هذا الإطار واعتماد مؤشرات جهوية منصفة.
على الجانب الحكومي، أكد الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، أن مشروع قانون المالية بُني على أسس تقنية وعلمية دقيقة تعكس واقعية الحكومة.
وأوضح أن المشروع خصص أكثر من 100 مليار درهم لدعم الحماية الاجتماعية، والتغطية الصحية، والسكن، والحوار الاجتماعي.
ولفت إلى أن الحكومة تعمل بجد لتنزيل مشروع الحماية الاجتماعية تحت قيادة الملك محمد السادس، مشيرًا إلى أن الإنجازات المحققة على هذا الصعيد ملموسة، حيث يستفيد 11 مليون شخص من الدعم المباشر، بتكلفة تجاوزت 30 مليار درهم.
وأشاد لقجع بالنتائج المحققة في الحوار الاجتماعي، واصفًا إياه بـ"المحطة التاريخية".
وأوضح أن الحكومة خصصت 45 مليار درهم لهذا الملف، مما أسفر عن زيادات كبيرة في أجور الأطباء والأساتذة ورجال التعليم.
كما تطرق إلى إعفاء المتقاعدين من الضريبة على الدخل، وهو إجراء يهدف إلى تخفيف العبء عن فئة قدمت الكثير للوطن.
في ملف الإصلاح الضريبي، أكد الوزير أن الحكومة خفضت الضرائب على الشركات الصغيرة والمتوسطة، بينما رفعتها على الشركات الكبرى لتعزيز العدالة الضريبية.
كما أشار إلى إدراج نظام الحجز في المنبع كإجراء لتحسين استدامة المالية العامة.
وسط هذا السجال الحاد، يبقى السؤال الذي يراود أذهان المواطنين: هل ستنجح الحكومة في تلبية تطلعاتهم الاجتماعية والاقتصادية خلال ما تبقى من ولايتها، أم أن الانتقادات التي وجهتها المعارضة ستظل تلاحقها إلى حين؟.