بعد حادثة الدبلوماسي الروسي.. هل حان وقت تقنين النقل الذكي في المغرب؟

الكاتب : انس شريد

05 ديسمبر 2024 - 08:30
الخط :

في ظل التحولات الكبرى التي يشهدها المغرب على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، برزت قضية النقل عبر التطبيقات الذكية كأحد المواضيع الأكثر إثارة للجدل في الآونة الأخيرة.

مع حصول المملكة على شرف تنظيم كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030 بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال، تزايدت الحاجة إلى تحسين البنية التحتية والخدمات اللوجستية، مما دفع الكثيرين إلى المطالبة بتقنين هذا القطاع وضبطه بما يواكب تطلعات المملكة لتعزيز مكانتها كوجهة عالمية.

ويرى المؤيدون لتقنين النقل عبر التطبيقات الذكية أن هذه الوسيلة أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية للعديد من المغاربة، خاصة في المدن الكبرى حيث تعاني وسائل النقل التقليدية من الاكتظاظ والتأخير.

بالنسبة لهم، توفر هذه التطبيقات حلاً سريعاً وفعالاً لمشكلة النقل، فضلاً عن كونها وسيلة لخلق فرص عمل لآلاف الشباب الذين يبحثون عن مصدر دخل في ظل ارتفاع معدلات البطالة.

كما أصبحت هذه التطبيقات خياراً مفضلاً لدى العديد من المواطنين بسبب سهولة استخدامها وجودة الخدمة التي تقدمها مقارنة بسيارات الأجرة التقليدية.

لكن في المقابل، تواجه هذه التطبيقات رفضاً شديداً من قبل نقابات قطاع سيارات الأجرة، التي تعتبرها تهديداً وجودياً لمهنتها.

وأكد مصطفى الكيحل، الكاتب العام للاتحاد الديمقراطي المغربي للنقل، في حديث له للجريدة 24، أن هذه التطبيقات تعمل بشكل غير قانوني، مما يعرض أمن وسلامة الركاب للخطر. وطالب بضرورة تدخل السلطات بحزم لضبط القطاع ومعاقبة كل من يشتغل خارج إطار القانون.

من وجهة نظر الكيحل، المشكلة لا تكمن فقط في المنافسة غير الشريفة، بل أيضاً في تأثير هذا النشاط على السائقين المهنيين الذين يعانون من ظروف عمل صعبة بسبب الريع وتدهور جودة الخدمات.

الصراع بين سائقي سيارات الأجرة وسائقي التطبيقات الذكية تجاوز النقاش القانوني ليتحول إلى مواجهات يومية في الشوارع.

إحدى أبرز الحوادث التي أثارت جدلاً واسعاً وقعت في مدينة الدار البيضاء، حيث تعرض سائق تطبيق ذكي لاعتداء من قبل سائق سيارة أجرة أثناء نقله لدبلوماسي روسي وزوجته.

هذه الحادثة دفعت العديد من الفاعلين والمهتمين بالشأن العام إلى مطالبة الحكومة باتخاذ موقف واضح وصريح ينهي حالة الفوضى والتوتر المستمرة.

في هذا الإطار، انقسمت مواقف النقابات المهنية والجمعيات المدنية. بعض النقابات تطالب بوقف نشاط التطبيقات تماماً، وفرض غرامات وعقوبات قاسية على العاملين فيها، معتبرة أن وجودها يضر بمصالح المهنيين التقليديين.

على النقيض من ذلك، تدعو نقابات أخرى إلى تقنين هذا القطاع ومنح سيارات الأجرة فرصة الاستفادة من هذه التكنولوجيا الحديثة.

وأشارت الجامعة المغربية للمقاولات الصغرى والمتوسطة للنقل الطرقي إلى أن تطبيقات النقل أثبتت جدواها في تحسين خدمات التنقل بالمغرب، مؤكدة أن التجارب العالمية أظهرت نجاحها في التكيف مع مختلف الأنظمة القانونية دون صدامات.

فيما أعربت النقابة الديمقراطية للنقل أعربت عن قلقها من تراجع جودة الخدمات المقدمة عبر بعض التطبيقات، مشيرة إلى أن العشوائية في اختيار السائقين وغياب التأطير والتدريب المهني يمثلان تحدياً كبيراً.

كما طالبت بضرورة وضع معايير صارمة لتوظيف السائقين، تشمل الكفاءة المهنية والسلوك الأخلاقي، بالإضافة إلى فتح مقرات رسمية للشركات المشغلة للتطبيقات بهدف تحسين التواصل مع السائقين والعملاء على حد سواء.

مع تصاعد هذا الجدل، تبدو الحاجة ملحة إلى تدخل حكومي ينظم القطاع ويوفر إطاراً قانونياً يضمن توازن المصالح بين جميع الأطراف.

ويمكن تقنين النقل عبر التطبيقات الذكية، أن يشكل حلاً مستداماً يدعم الاقتصاد الوطني ويعزز من جاذبية المملكة كمركز للاستثمار والسياحة.

في النهاية، تبقى هذه القضية اختباراً حقيقياً لمدى قدرة المغرب على التوفيق بين الابتكار واحترام حقوق المهنيين التقليديين، في سياق تحولاته التنموية الطموحة.

آخر الأخبار