جدل ساخن في البرلمان حول القنب الهندي.. بين الاستعمال الطبي وتحفيز للتهريب

في خضم مناقشات حامية شهدتها لجنة المالية والتنمية الاقتصادية يوم أمس الجمعة، تفجرت انتقادات حادة بين الأغلبية والمعارضة البرلمانية حول تعديل جديد في مشروع قانون المالية لسنة 2025.
التعديل، الذي أثار زوبعة من الجدل، يقضي برفع رسوم استيراد المواد التي تحتوي على القنب الهندي إلى 200 في المئة، وهو ما اعتبره البعض خطوة محفوفة بالمخاطر، قد تفتح بابًا واسعًا أمام التهريب وتؤثر على السوق المحلية.
وكان عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، من أبرز المنتقدين لهذا التعديل، حيث أبدى استغرابه من نهج الحكومة في التعامل مع هذه القضية. وأشار إلى أن المبرر الذي تقدمه الحكومة لعدم رفع رسوم استيراد السجائر هو الحيلولة دون تشجيع التهريب، متسائلًا عن جدوى هذا التعديل في ظل تشابه الظروف.
وأكد بووانو أن استيراد المواد التي تحتوي على القنب الهندي كان ممنوعًا منذ سنة 2004، معتبرًا أن رفع الرسوم، حتى لو وصلت إلى 300 في المئة، لن يمنع التهريب، بل قد يزيده استفحالًا.
وفي مداخلة ساخرة خلال جلسة عامة خصصت للتصويت على مشروع قانون المالية، طالب بووانو الحكومة بالكشف عن حقيقة استعمالات القنب الهندي في المغرب.
وأشار إلى أن القانون ينص على استخدامه لأغراض طبية وتجميلية، لكنه شكك في أن يكون هناك توجيه للاستعمال الترفيهي تحت غطاء القانون.
ولم يتردد في تحذير الحكومة مما أسماه "تخدير المواطنين بالقنب الهندي" كوسيلة سياسية تسبق الانتخابات المقبلة، في انتقاد لاذع لسياسات الحكومة.
من جهة أخرى، جاء رد الأغلبية سريعًا وحاسمًا عبر محمد شوكي، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار، الذي دافع بشدة عن التعديل وعن توجهات الحكومة في هذا الصدد.
وأوضح شوكي أن الصناعة الوطنية للقنب الهندي، بعد تقنينه وإحداث الوكالة الوطنية للإشراف على هذا القطاع، قد ركزت جهودها على التصنيع الموجه للأغراض الطبية والتجميلية، وهو ما يتماشى مع القانون.
وأكد أن رفع الرسوم على المواد المستوردة التي تحتوي على القنب الهندي هو خطوة تهدف إلى حماية الإنتاج الوطني وتعزيز دوره في السوق المحلية، ما يعكس سياسة حمائية تسعى لضمان مراقبة صارمة على هذه المواد عبر الوكالة المختصة.
الجدل حول هذا التعديل يعكس انقسامًا عميقًا بين رؤية الحكومة التي ترى في هذه الخطوة دعمًا للصناعة الوطنية وحماية للمنتوج المحلي، وبين المعارضة التي تخشى من عواقب اقتصادية وأخلاقية قد تنجم عن تطبيق التعديل.
وبينما يواصل الطرفان تبادل الانتقادات والاتهامات، يبقى السؤال مفتوحًا حول مدى تأثير هذه السياسات على مستقبل صناعة القنب الهندي في المغرب، وعلى قدرتها على تحقيق التوازن بين التشريع والاستخدام المسؤول.