أزمة البيض والدواجن تهدد موائد المغاربة.. ومجلس المنافسة والبرلمان يتحركان لإنقاذ الوضع

الكاتب : انس شريد

07 ديسمبر 2024 - 10:30
الخط :

في خضم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها المواطن المغربي، تبرز أزمة جديدة تلقي بظلالها على معيشة الفئات الهشة والمتوسطة: ندرة مادة البيض وارتفاع أسعار لحوم الدواجن.

هذه المواد، التي كانت تشكل لسنوات طويلة أحد أعمدة النظام الغذائي المغربي، باتت اليوم رمزًا للتحديات اليومية التي تواجه الأسر في تأمين احتياجاتها الأساسية.

المواطنون، الذين أصبحوا يعانون من الغلاء الفاحش في كل شيء تقريبًا، يجدون أنفسهم بين مطرقة ارتفاع الأسعار وسندان ندرة المواد الغذائية.

البيض، الذي لطالما كان ملاذًا اقتصاديًا لسد رمق العائلات، تحول إلى مادة مهددة بشح العرض.

وأ المنتجون، بدورهم، هذا الوضع بالظروف المناخية المتقلبة، وارتفاع تكلفة الأعلاف، ناهيك عن التداعيات الاقتصادية العالمية التي أثرت على سلاسل التوريد.

أما على صعيد لحوم الدواجن، فقد باتت أسعارها تتراوح بين 23 و25 درهمًا للكيلوغرام الواحد، مما يجعلها شبه مستحيلة المنال بالنسبة للعديد من الأسر التي كانت تعتمد عليها كمصدر بروتين بديل عن اللحوم الحمراء.

كما قرر مجلس المنافسة فتح تحقيق حول سوق الدواجن بهدف فحص الوضع التنافسي في السوق ودراسة الممارسات التجارية التي قد تساهم في زيادة أسعار الدواجن، كما يشمل التحقيق أيضًا أسواق الأعلاف المركبة والكتاكيت ذات اليوم الواحد باعتبارها أسواقًا مرتبطة بالقطاع.

وجاء فتح التحقيق حسب بلاغ صادر عن مجلس المنافسة، استجابةً للشكاوى المتزايدة من مربي الدواجن الذين يواجهون ارتفاعًا كبيرًا في تكاليف الإنتاج، حيث تمثل الأعلاف المركبة 75% من تكلفة إنتاج الدواجن، وبالتالي فإن أي زيادة في أسعار الأعلاف تؤدي إلى زيادة كبيرة في تكاليف الإنتاج، مما يرفع أسعار الدواجن في الأسواق.

كما شملت الزيادة في الأسعار أيضًا الكتكوت ذي اليوم الواحد، والذي يعد من المدخلات الأساسية في إنتاج الدواجن، حيث ارتفعت أسعاره لتنتقل من 5 دراهم قبل ثلاث سنوات إلى 14 درهمًا هذا العام، ما يشكل عبئًا إضافيًا على المربين الذين يواجهون صعوبة في تغطية تكاليف الإنتاج.

وأضاف البلاغ أن اختلال التوازن بين أسعار الدواجن في المزارع وأسعارها في الأسواق أدى إلى زيادة الضغط على السوق، حيث يبيع المربون الدواجن بأسعار منخفضة نسبيًا في المزارع، بينما ترتفع هذه الأسعار بشكل ملحوظ عند وصولها إلى المستهلك، مما يطرح إشكال غياب الرقابة على السوق، ما يفتح المجال أمام الوسطاء لزيادة الأسعار دون مبرر واضح.

وتابع أن هذه الزيادة في الأسعار تؤثر بشكل مزدوج على كل من المستهلكين والمربين، فمن جهة، يعاني المستهلكون من ارتفاع أسعار الدواجن، مما يجعلها سلعة باهظة الثمن، ومن جهة أخرى، يبيع المربون هذه الدواجن بأسعار منخفضة في المزارع، لا تغطي تكاليفهم، مما يسبب لهم خسائر مالية.

وفي هذا السياق، يهدف التحقيق الذي فتحه مجلس المنافسة إلى دراسة هذه الاختلالات وتحديد ما إذا كانت هناك ممارسات احتكارية أو غير قانونية في أسواق الأعلاف والكتاكيت، وذلك من خلال فحص الهيكل التنافسي في السوق وتحديد مدى تأثير هذه الممارسات على الأسعار، حسب ذات المصدر.

وخلص المجلس إلى أنه يسعى من خلال التحقيق إلى ضمان وجود بيئة تنافسية عادلة تحسن وضع المربين وتخفض الأسعار لصالح المستهلكين، كما يتضمن التحقيق أيضًا تحديد ما إذا كانت هناك ممارسات تجارية تضر بالقطاع وتؤدي إلى زيادة الأسعار بشكل غير مبرر.

في هذا السياق المتأزم، وجهت النائبة البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية، ثورية عفيف تساؤلاً مباشرًا للحكومة، مطالبة بإجراءات ملموسة لضمان تنظيم الإنتاج والتوزيع، أسوة بما تقوم به بعض الدول المتقدمة لضمان الأمن الغذائي لشعوبها.

هذا السؤال يعكس شعورًا متزايدًا بالقلق من انفلات الوضع، خصوصًا إذا لم يتم اتخاذ تدابير عاجلة تحد من ارتفاع الأسعار وتحافظ على استقرار السوق.

من جهة أخرى، يرى العديد من المهنيين أن الحل يتطلب رؤية استراتيجية بعيدة المدى تشمل تطوير الإنتاج المحلي وتحسين ظروف تخزين المواد الغذائية، مع دعم المزارعين والمنتجين لضمان استمرارية العرض وتجنب أزمات مماثلة في المستقبل.

في ظل هذا الواقع، يبقى المواطن المغربي هو الضحية الأولى لهذه المعادلة الصعبة، حيث يتساءل الكثيرون: إلى متى سيظل الغذاء عبئًا إضافيًا في حياتهم؟ وهل ستنجح الحكومة في إيجاد حلول ملموسة تعيد التوازن إلى الأسواق وتحمي القدرة الشرائية للمواطن؟ أسئلة كثيرة تبقى دون إجابة، في انتظار تحرك فعلي يخفف من وطأة هذه الأزمة المتفاقمة.

آخر الأخبار