60% من الثروة في 3 جهات فقط.. صراع التفاوتات المجالية يضع الحكومة أمام المحك

الكاتب : انس شريد

16 ديسمبر 2024 - 10:30
الخط :

في جلسة مشحونة بالانتقادات والمطالب الملحة، استعرض نواب من مختلف الأحزاب السياسية ملاحظاتهم الحادة حول واقع البنية التحتية في المغرب، مشيرين إلى أن هذه الأوراش الكبرى لا تزال تعاني من اختلالات تعمق التفاوتات المجالية والاجتماعية.

وخلال الجلسة الشهرية للأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة الموجهة لرئيس الحكومة، حذر النائب يوسف بيزيد، عضو فريق التقدم والاشتراكية، من أن تركيز الجهود على بعض المناطق على حساب أخرى قد يؤدي إلى تعميق الفوارق بين الجهات، مطالباً الحكومة باتخاذ خطوات أكثر شمولاً لضمان استفادة جميع المغاربة من مشاريع البنية التحتية.

بيزيد شدد على ضرورة أن تتحول هذه الأوراش إلى أداة لتحسين صورة المغرب على المستوى الدولي، مع التأكيد على أهمية المساواة بين جميع المناطق في الاستفادة من هذه المشاريع، لا سيما تلك التي تعاني من التهميش والإقصاء.

وأشار إلى أن العديد من الأقاليم والجهات النائية كالجديدة، والداخلة، والسمارة، وتنغير، وكلميم، وطاطا، وطانطان، وزاكورة، وفكيك، وبولمان، وتاونات، وتازة، والناظور، وجرادة، وأزيلال، وبني ملال، وإنزكان آيت ملول، وآسا الزاك، وشتوكة آيت باها، وسيدي إفني، وتزنيت، وتارودانت، وكرسيف، والراشيدية، وورززات، وخنيفرة، وميدلت، والفقيه بن صالح، والصويرة، وقلعة السراغنة، والحاجب، وصفرو، تعاني من ضعف البنية التحتية وغياب الاستثمارات.

وأكد أن الكوارث الأخيرة، مثل زلزال الحوز والفيضانات، كشفت عن هشاشة كبيرة في البنى التحتية ببعض المناطق، ما يستدعي تحركاً سريعاً لتأهيلها.

مضيفا، أنه لم يَعُد مقبولاً أنْ يستمرَّ تَرَكُّـزُ 60% من الثروة الوطنية في ثلاث جهاتٍ فقط، أو أنَّ أقاليم أو جهات بأكملها لا تتوفر على طريقٍ سيار، أو على سكة حديدية، أو على مطار.

كما لم يَعُد مقبولاً، حسب المتحدث ذاته، أن تظل جماعاتٌ ودواوير من دون شبكة اتصالات أو من دون مسالك لِفَكِّ العزلة.

وفي السياق ذاته، انتقدت النائبة نعيمة الفتحاوي عن حزب العدالة والتنمية ما وصفته بغياب رؤية واضحة لدى الحكومة لاستكمال برنامج الحد من الفوارق المجالية والاجتماعية، الذي انتهت مدته دون أن يحقق أهدافه.

وأضافت أن العجز في البنية التحتية لا يزال قائماً، وأن التركيز على المدن الكبرى لتحسين بنياتها التحتية لا يوازيه اهتمام بالمناطق الأخرى التي تعاني من ضعف كبير في الطرق، النقل الحضري، والمساحات الخضراء.

وأكدت أن التفاوت في توزيع الاستثمارات يجعل جهات معينة تعيش على وقع تقدم سريع بفضل مشاريع ضخمة مثل القطار فائق السرعة، بينما تتخبط جهات أخرى في عزلة اقتصادية واجتماعية، وكأنها تعيش على "سرعة الدواب".

ولم تقتصر الانتقادات لم تقتصر على التفاوتات المجالية، بل امتدت إلى الوفاء بالالتزامات الحكومية تجاه المناطق المتضررة من الكوارث الطبيعية. واعتبرت الفتحاوي أن الحكومة لم تلتزم بعد ببرنامج إعادة تأهيل البنيات التحتية المتضررة من الزلازل والفيضانات، وأن سكان تلك المناطق ما زالوا يعانون من آثار الكوارث في ظل موجات البرد القارس والتغيرات المناخية.

وأشارت إلى أن برنامج 120 مليار درهم الذي أعلنته الحكومة لإعادة تأهيل المناطق المتضررة لم يدخل حيز التنفيذ بشكل ملموس، ما يزيد من معاناة السكان ويدفعهم لفقدان الثقة في وعود الحكومة.

النقاش حول البنية التحتية في المغرب كشف عن مطالب حقيقية بضرورة تبني مقاربة عادلة وشاملة تضمن استفادة جميع المناطق من ثمار التنمية.

ومع بقاء وقت محدود في عمر الحكومة الحالية، يظل التحدي الأكبر هو قدرتها على تحويل هذه الانتقادات إلى حافز لتحريك عجلة التنمية في كل ربوع المملكة، لضمان مغرب متكافئ يعكس تطلعات جميع مواطنيه.

آخر الأخبار