تحول ملامح السكن في المغرب.. أرقام صادمة وتغيرات جذرية في نمط العيش

في تطور جديد يعكس التحولات الاجتماعية والاقتصادية العميقة التي يعيشها المغرب، كشف المندوب السامي للتخطيط شكيب بنموسى عن معطيات مثيرة حول وضعية السكن في المملكة، وذلك خلال ندوة صحفية خصصت للإعلان عن نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024.
وجاءت هذه الأرقام لتسلط الضوء على واقع يختصر ملامح التغيرات التي طالت شكل ونمط السكن بالمغرب خلال العقد الأخير، مع الإشارة إلى تحديات كبرى ما تزال تواجه قطاع الإسكان.
واستهل بنموسى عرضه بإبراز ظاهرة تقلص المساحات السكنية التي تشغلها الأسر المغربية، حيث ارتفعت نسبة الأسر التي تسكن بين غرفة وغرفتين فقط إلى 43% مقارنة بـ36% التي تم تسجيلها سنة 2014.
هذا التغير، حسب بنموسى، يعكس تقلص الخيارات السكنية المتاحة أمام العديد من الأسر، خاصة في ظل الارتفاع المطرد لأسعار العقارات.
وعلى الرغم من ذلك، أكد المتحدث ذاته، أن 70% من الأسر المغربية تمتلك مساكنها، ما يبرز تفضيل الملكية على الإيجار، حيث لا تتجاوز نسبة الأسر المستأجرة 20%.
في الوسط الحضري، كشف تقرير بنموسى أن 65.5% من الأسر تفضل السكن في ما يعرف بـ"الدار المغربية العصرية"، في حين أن 24% تقطن في الشقق، وهي نسبة لم تعرف تغيرًا ملحوظًا منذ عام 2014. أما في القرى، فقد تم تسجيل انخفاض في نسبة المساكن التقليدية مقابل ارتفاع كبير في نسبة المساكن العصرية، التي انتقلت من 25.9% سنة 2014 إلى 37.6% سنة 2024.
هذا التطور، حسب المتحدث ذاته، يشير إلى انتقال واضح في نمط السكن القروي نحو العصرية، في حين انخفضت المساكن القروية التقليدية من 64.1% إلى 53.3%.
وفي ما يتعلق بالحد من السكن غير اللائق، أشار بنموسى إلى انخفاض نسبة الأسر التي تقطن المساكن البدائية أو دور الصفيح في المدن، إذ تراجعت من 5.2% سنة 2014 إلى 3.3% سنة 2024.
نفس المنحى سُجل في القرى، وفقا للمتحدث ذاته، حيث انخفضت نسبة الأسر التي تقطن محلات غير معدة للسكن من 2.4% إلى 1.7%.
وأوضح بنموسى، أنه رغم هذه المؤشرات الإيجابية، يبقى التحدي الأكبر هو استدامة هذه المكتسبات وتوسيع نطاقها.
وتابع ذات المتحدث، أن تجهيز المساكن بالخدمات الأساسية سجل بدوره تقدمًا مهمًا، حيث بلغت نسبة الربط بشبكة الكهرباء مستوى شبه شامل بنسبة 97%، في حين وصلت نسبة الربط بشبكة الماء إلى 83% في المدن و55% فقط في القرى.
وبالرغم من هذه الفجوة، حسب ذات المتحدث، فإن نقاط التزود بالماء تسد جزءًا من الحاجة في المناطق القروية، حيث تمثل 24% من مصادر التزود بالماء.
أما بالنسبة لشبكة الصرف الصحي، فقد أشار بنموسى إلى أن النسبة العامة بلغت 65%، إلا أنها تبقى منخفضة نسبيًا بسبب الخصوصيات التي تميز الوسط القروي.
على صعيد آخر، سجلت نتائج الإحصاء تجددًا ملحوظًا في حظيرة المساكن، حيث تبين أن 22% من المساكن التي تشغلها الأسر يعود عمرها إلى أقل من عشر سنوات، مقارنة بـ20% سنة 2014.
هذه النسبة تشير إلى دينامية في قطاع البناء، لكنها تعكس أيضًا التحولات الديموغرافية والاقتصادية التي تدفع الأسر نحو تجديد مساكنها أو الانتقال إلى مساكن حديثة.
وتضع التغيرات التي كشف عنها الإحصاء صورة واضحة للتحديات والفرص التي تواجهها المملكة في قطاع السكن.
فمن جهة، يعكس ارتفاع نسبة الأسر التي تمتلك مساكنها استقرارًا نسبيًا على مستوى نمط العيش.
ومن جهة أخرى، يكشف تقلص المساحات السكنية وارتفاع الطلب على السكن العصري عن ضغوط اقتصادية واجتماعية تستدعي تدخلات استراتيجية لتوفير سكن لائق وميسر يلبي احتياجات مختلف الفئات.