هل سيؤثر مونديال 2030 سلبًا على الاقتصاد المغربي؟

الكاتب : انس شريد

18 ديسمبر 2024 - 08:30
الخط :

في تصريح استثنائي يعكس مزيجًا من التفاؤل والحذر، أكد عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، أن تنظيم المغرب لكأس العالم 2030 ليس مجرد حدث رياضي، بل فرصة اقتصادية يمكن أن تحدث تحولًا كبيرًا في بنية الاقتصاد الوطني، بشرط أن تتم إدارته بعناية.

وجاء هذا التصريح خلال ندوة صحفية عُقدت على هامش الاجتماع الأخير لمجلس بنك المغرب لعام 2024، حيث طرح الجواهري رؤيته المتوازنة حول تأثيرات هذا الحدث على الاقتصاد الوطني.

وأكد الجواهري أن تنظيم كأس العالم لن يكون مجرد حدث رياضي عابر، بل محطة استثنائية ستستلزم جزءًا من الميزانية الوطنية، لكنها ستعود بعائدات ضخمة تفتح آفاقًا اقتصادية واعدة.

وأوضح أن هذه العائدات لن تقتصر على الضرائب المباشرة، بل ستتجسد أيضًا في ارتفاع ملحوظ للاستثمارات المحلية والأجنبية، إلى جانب الرواج المالي المرتبط بتطوير البنية التحتية والخدمات الحيوية.

وفي معرض حديثه، شدد على أن الحكم مسبقًا على التأثير الاقتصادي للمونديال يعد أمراً معقداً، إذ يتطلب الأمر تقييماً دقيقاً للتكاليف والعائدات المتوقعة.

واعتبر الجواهري أن المغرب، بتقاسمه شرف التنظيم مع إسبانيا والبرتغال، اعتمد استراتيجية مدروسة لتخفيف العبء المالي الكبير الذي يتطلبه حدث عالمي بهذا الحجم، وهو ما يعكس رؤية حكيمة في إدارة الموارد واستثمار الفرص الدولية.

ووفقًا للجواهري، فإن هذا القرار الذكي يتيح للمملكة تحقيق التوازن بين التكاليف والإيرادات.

لكنه شدد في الوقت نفسه على أن "الاقتراض الخارجي لتمويل البنية التحتية المرتبطة بالمونديال ليس الخيار المطروح حاليًا".

وبينما يتحدث البعض عن احتمالات ارتفاع التضخم أو زيادة عجز الميزانية بسبب التكاليف الضخمة، أكد والي بنك المغرب أن هذه المخاوف ليست قائمة إذا ما تم التمويل بطريقة تراعي التوازنات الماكرو اقتصادية.

مضيفا: "إذا كانت هناك مداخيل متوقعة واستثمارات مدروسة، فلن تكون هناك تأثيرات سلبية تُذكر".

الجواهري لم يكتفِ بالحديث عن العوائد المباشرة للمونديال، بل شدد على العوائد طويلة الأمد.

وأشار إلى أن الاستثمارات في البنية التحتية والقطاعات المرتبطة بالحدث يمكن أن تستمر في تحقيق إيرادات بعد انتهاء البطولة.

لكنه حذّر من أن الاستخدام غير الأمثل لهذه المنشآت قد يُحدث عبئًا ماليًا طويل الأمد على الاقتصاد الوطني.

كما كشف والي البنك المركزي عن معطيات إيجابية تخص المناخ الاقتصادي العام، حيث أوضح أن القروض البنكية سجلت زيادة بنسبة 5.5%، ما يعكس دينامية اقتصادية يمكن للمغرب استثمارها في التحضير للحدث الكروي العالمي.

وأكد أن استثمار هذه الفرص بشكل إيجابي سيسهم في تعظيم العوائد الاقتصادية والمالية من المونديال.

وتابع الجواهري أن المغرب لا ينظم المونديال بمفرده، وإنما بالشراكة مع دولتين أوروبيتين، ما يقلل من حجم التأثيرات الاقتصادية المباشرة على المملكة. لكنه أوضح أن جزءًا من العائدات سيكون مشتركًا أيضًا، ما يجعل التخطيط المالي المتوازن ضرورة قصوى.

وفي ختام تصريحاته، أشار والي بنك المغرب إلى التجارب السابقة لدول نظمت المونديال، حيث استفادت هذه الدول من الرواج الاقتصادي والمالي الذي أحدثته البطولة.

مشددا: "المهم هو أن تُستغل المنشآت التي سيتم إنشاؤها بطريقة إيجابية تضمن استدامة المداخيل وتحقيق التنمية".

تصريحات الجواهري، رغم كونها مطمئنة، تحمل في طياتها دعوة واضحة للتخطيط المدروس والإدارة الحكيمة لضمان أن يكون مونديال 2030 محطة فارقة في مسيرة التنمية الاقتصادية للمغرب، وليس مجرد حدث رياضي عابر.

آخر الأخبار