جدل ساخن تحت قبة البرلمان.. قانون الإضراب بين إنصاف الشغيلة وقيود التطبيق

في مشهد سياسي مشحون، أثار مشروع القانون التنظيمي للإضراب الذي يُعرض على مجلس النواب جدلاً واسعاً بين فرق الأغلبية والمعارضة، وسط توتر حاد بين المطالب الاجتماعية والضرورات الاقتصادية.
وخلال الجلسة العامة للتصويت على مشروع القانون التنظيمي للحق في الإضراب، بمجلس النواب، التي استأثرت باهتمام كبير، كشفت عن رؤى متباينة حول القانون الذي يسعى لتنظيم ممارسة الإضراب كحق دستوري.
وعلى الرغم من التعديلات الجوهرية التي أدخلتها الحكومة، إلا أن النقاش لا يزال محتدماً حول مدى تحقيق المشروع للتوازن بين حقوق العمال ومصالح أرباب العمل.
وأثار رئيس فريق الأصالة والمعاصرة، أحمد تويزي، أثار في مداخلته تساؤلات حول النسخة السابقة للقانون، مشيراً إلى أنها كانت تفرض قيوداً على ممارسة الإضراب.
لكنه أشاد بالإصلاحات التي استجابت لتوجيهات الملك محمد السادس، والتي شددت على أهمية الحوار والتوافق.
وأكد تويزي أن المشروع الحالي يمثل تحولاً جذرياً مقارنة بصيغة 2016، خاصة بعد حذف بنود تقييدية مثل المادة 288 من القانون الجنائي التي تصف عرقلة العمل بجناية.
أما إسماعيل الزيتوني، عن فريق التجمع الوطني للأحرار، فقد ركز على الأبعاد الاقتصادية للقانون.
وقال إن وجود إطار قانوني ينظم الإضراب سيعزز الثقة لدى المستثمرين ويحسن المناخ الاستثماري، مشدداً على أن غياب هذا الإطار يؤدي إلى خسائر فادحة للاقتصاد الوطني.
واعتبر الزيتوني أن المشروع الجديد يجسد رؤية متوازنة تتيح ممارسة الإضراب بشكل مسؤول بعيداً عن الإفراط أو التسيب.
بدورها، شددت مريم خلوقي، من الفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي، على أن القانون يمثل ثمرة حوار امتد لعشرين شهراً، ما يعكس التزام الحكومة بتحقيق التوافق.
وأكدت أن هذا الإطار التشريعي سيُخضع لفحص المحكمة الدستورية، مما يضفي عليه طابع المصداقية.
على الجانب الآخر، عبرت المعارضة عن تحفظاتها الواضحة على القانون.
وانتقدت فاطمة التامني، عن فدرالية اليسار الديمقراطي، بشدة الصيغة الحالية، معتبرة أنها تخدم أرباب العمل على حساب العمال.
وقالت التامني إن المشروع يفرض قيوداً تعجيزية تفرغ الإضراب من مضمونه، مما يعكس غياب إرادة حقيقية لدعم حقوق الشغيلة.
أما نادية تهامي، عن فريق التقدم والاشتراكية، فقد طالبت بإعادة النظر في عدد من البنود، مشيرة إلى أن المشروع الحالي يمثل صيغة هجينة لا تليق باللحظة التاريخية.
ودعت إلى إجراء تعديلات جوهرية لضمان احترام الحق في الإضراب، بعيداً عن أي توجهات زجرية أو عقوبات مفرطة.
في المقابل، أشار سعيد سرار، من الفريق الحركي، إلى أهمية المشروع في تحقيق التوازن المطلوب بين الحقوق والواجبات.
وقال إن القانون يعكس طموح المغرب في التحول إلى دولة صاعدة ومتطورة، لكنه أكد ضرورة استكمال النقاش لتجويد الصياغة القانونية وضمان شموليتها.
هذا النقاش الحاد يعكس حجم الرهانات المرتبطة بمشروع القانون التنظيمي للإضراب، الذي يُنظر إليه كاختبار لمدى قدرة الحكومة على تحقيق توافق حقيقي بين مختلف الأطراف.