فبركة الفيديوهات بالذكاء الاصطناعي.. كيف يهدد الاحتيال الرقمي صحة المواطنين؟

باتت موجة استغلال الذكاء الاصطناعي في إنشاء مقاطع فيديو مفبركة، تظهر فيها شخصيات عامة تروّج لمنتجات مشكوك في جودتها، تثير قلقًا واسعًا في المغرب، وسط تحذيرات متزايدة من الجهات المعنية.
وأحدث هذه القضايا كان إعلان عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عن لجوئه إلى القضاء لملاحقة متورطين في فبركة مقطع فيديو يستخدم صورته وصوته للترويج لدواء ضغط الدم، زاعمًا أنه يوصي باستخدامه.
ونفى بنكيران تمامًا استخدامه لهذه المنتجات، وأوضح في تدوينة على حسابه بفيسبوك أنه لا يعتمد سوى على الأدوية المرخصة من الصيدليات، مطالبًا المواطنين بعدم الانسياق وراء هذه الادعاءات المغلوطة.
وأثارت القضية اهتمام الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، التي أكدت في بيان لها أن هذه الظاهرة الاحتيالية تعتمد على استغلال الذكاء الاصطناعي لتزوير تصريحات ومواقف لشخصيات سياسية وفنية ورياضية وحتى طبية ذات شهرة واسعة.
ولفتت الشبكة إلى خطورة هذه الإعلانات، التي تروج لمنتجات مغشوشة مثل الأدوية والمكملات الغذائية ومستحضرات التجميل، والتي غالبًا ما تكون مجهولة المصدر وتدّعي تقديم "علاجات معجزة" لأمراض مستعصية مثل السرطان وأمراض القلب والسكري.
وشددت الشبكة على ضرورة التحرك العاجل لوضع حد لهذه الظاهرة عبر سن قوانين صارمة وتفعيل الرقابة الإلكترونية، إلى جانب مراجعة أسعار الأدوية المباعة في الصيدليات التقليدية، التي تدفع البعض للبحث عن بدائل أرخص عبر الإنترنت.
وفي سياق متصل، سبق أن حذرت منظمة الصحة العالمية من شراء الأدوية عبر الإنترنت، مشيرة إلى أن 90% من هذه العمليات قد تكون جزءًا من عمليات نصب واحتيال.
الظاهرة لا تقتصر على مقاطع الفيديو المفبركة، بل تمتد إلى الصيدليات الإلكترونية التي تبيع منتجات طبية مجهولة المصدر، متجاوزة بذلك القوانين التي تفرض ترخيصًا خاصًا لبيع الأدوية.
هذه الصيدليات تغري المستهلكين بعروض أسعار منخفضة وخدمات توصيل سريع، لكنها تعرضهم لمخاطر صحية جسيمة، نظرًا لغياب أي ضمانات حول جودة هذه المنتجات.
وحذر خبراء الصحة مرارا من أن هذه الأدوية قد تحتوي على مواد ضارة أو غير معروفة، ما يزيد من احتمال تسببها في مضاعفات خطيرة، تصل أحيانًا إلى الوفاة.
في خضم هذا الجدل، دعا نواب برلمانيون وزارة الصحة والحماية الاجتماعية إلى تعزيز الإجراءات القانونية والرقابية لمكافحة الأنشطة غير المشروعة، مطالبين بتحديث التشريعات لمواكبة التحديات الجديدة التي تفرضها التقنيات الرقمية.
كما طالبوا بإطلاق حملات توعوية تستهدف المواطنين لتحذيرهم من مخاطر التعامل مع منتجات غير مرخصة أو مجهولة المصدر، وخصوصًا تلك التي تباع عبر الإنترنت.
الجدل حول هذه الظاهرة يتزامن مع انتشار إعلانات احتيالية على مواقع التواصل الاجتماعي تقدم عروض عمل وهمية، مستغلة حاجة الشباب للتوظيف.
هذه العروض تعتمد أساليب احتيالية متنوعة، مثل طلب رسوم تسجيل أو معلومات شخصية حساسة، مما يجعلها مصدر تهديد إضافي لفئات اجتماعية تعاني من أوضاع اقتصادية صعبة.
النواب البرلمانيون طالبوا وزارة العدل بالتحرك لحماية الشباب من هذه الجرائم الرقمية التي تزداد انتشارًا في الآونة الأخيرة.
وتضع هذه التطورات المغرب أمام تحدٍ كبير لضبط الفوضى الرقمية التي باتت تؤثر سلبًا على صحة المواطنين واستقرار السوق، مع ضرورة تكثيف الجهود لتأطير القطاع وضمان حماية المستهلكين من التلاعب والاحتيال الرقمي، الذي يستغل التكنولوجيا لأغراض غير مشروعة.