نور الدين: تبون يعيد تدوير الأكاذيب الجزائرية

استغرب عدد من المختصين في ملف الصحراء والعلاقات الدولية للتصريح الصادر عن "رئيس العسكر الجزائري"، عبد المجيد تبون عندما ادعى أن فكرة الحكم الذاتي للصحراء المغربية "فكرة فرنسية وليست مغربية".
وأثار هذه التصريح، الذي أدلى به أول أمس أمام الشعب الجزائري عدداً من الملاحظات النقدية، وفق المتخصص في ملف الصحراء والعلاقات الدولية، أحمد نور الدين.
واعتبر نور الدين، في تصريح "للجريدة24" أن ما قاله الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أمام برلمان بلاده يوم الاحد 29 دجنبر 2024، عندما زاعم أنّ "فكرة الحكم الذاتي فكرة فرنسية وليست مغربية ونحن على علم بذلك منذ عقود"، "مجرد فقعات في الهواء كما عودنا منذ أن جاء به الجنرالات ليؤدي دور الكومبارس في فيلم من نوع الكوميديا السوداء".
ولفت أحمد نور الدين إلى أنه "لم يعد المتابعون، لا في السياسة الداخلية ولا الخارجية، يعيرون أهمية لما يقوله تبون، لأن كلامه أصبح يشبه كلام المهرج في السيرك، فتارة يزعم أن الاقتصاد الجزائري هو رابع اقتصاد عالمي في خطاب رسمي موثق، وتارة يزعم أنه سيوصل القطار فائق السرعة قبل نهاية عهدته الاولى إلى تامنراست، وهي أبعد مدينة في الجنوب، وتارة يقول أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن الجزائر تقوم بتحلية مليار وثلاثمائة مليون متر مكعب يوميا من مياه البحر، وهو رقم يتجاوز طاقة كل محطات تحلية ماء البحر في العالم.. وتارة يقول بأن الجزائر ستصبح عضوا في البريكس بدون أدنى شك، قبل أن يأتيه الرد من وزير خارجية روسيا بأن الدول التي لا وزن لها ولا هيبة لا مكان لها. وتارة يقول بأنه سيجعل سعر صرف الدينار الجزائري يساوي 140 دولارا أمريكيا".
وقال المتخصص في العلاقات الدولية "إننا أمام ظاهرة صوتية تتبنى الكذب والهرطقة سياسة للحكم، مما حوله إلى أضحوكة بين العالم".
وشدد المتخصص في ملف الصحراء على أنه "لو كان الرئيس الجزائري يحترم عقول أعضاء البرلمان الجزائري قبل غيره لقدم الدليل على ما يزعم أنه فكرة فرنسية، كأن يخبرنا متى تقدمت فرنسا بهذا المقترح، وهل هي وثيقة داخلية سرية أم إنها مذكرة علنية موجهة للأمم المتحدة، وأين اطلع عليها تبون، الخ".
ولفت أحمد نور الدين إلى أن "الجواب المنطقي والبديهي عن ما سماه "فكرة فرنسية"، هو أن الجزائر بأكملها في حدودها الحالية هي صناعة استعمارية فرنسية محضة وليست مجرد فكرة فرنسية". وأوضح أن "فرنسا هي من خلقت الجزائر في جغرافيتها الحالية، وهذا بشهادة أول رئيس جزائري بن بلة الذي قال في تصريح تلفزيوني موثق "إذا كان هناك من هدية نقبلها من فرنسا فهي الحدود الموروثة عن الاستعمار".
وأضاف "معلوم أن الجزائر قبل 1830 لم تكن دولة مستقلة، بل كانت ولاية تركية، ولم تكن مساحتها تتجاوز 400 الف كلم مربع كما يشهد بذلك أطلس خرائط العالم لسنة 1887، وكما تشهد بذلك موسوعة لاروس الفرنسية سنة 1905 وغيرها من عشرات الوثائق في الأرشيف الفرنسي والتركي والدولي بصفة عامة".
وأكد نور الدين أنه "إذا كنا سنعيد النظر في فكرة الحكم الذاتي فالأجدر أن نعيد النظر في كل ما جاء به الاستعمار الفرنسي من خراب إلى المنطقة، وعلى رأس القائمة إعادة الجزائر الى حجمها الطبيعي قبل الاحتلال الفرنسي، واسترجاع المغرب لصحرائه الشرقية التي تبلغ مساحتها مليون وسبعمائة الف كلم مربع".
وشدد أحمد نور الدين على أنه "إذا كان علينا أن نتخلص من فكرة الحكم الذاتي لانها حسب زعمه فرنسية، فالأولى أن نتخلى عن فكرة الانفصال في الصحراء المغربية لأنها فكرة استعمارية إسبانية، جاءت لتمزق ما تبقى من أراضي الإمبراطورية الشريفة".
وتعليقا على قول تبون بأن "خيارات الحلول في قضية الصحراء الغربية -بالنسبة لهم- تتراوح بين المر والأمر، وهي قضية تصفية استعمار وتقرير مصير"، قال المتخصص في ملف الصحراء والعلاقات الدولية إن "تبون صدق في هذه الفكرة وهو كاذب، لأن قضية الصحراء فعلا كانت قضية تصفية للاستعمار الإسباني وقد قام المغرب بتصفيته، وأن حلٌ قضية الصحراء سيكون بين المرٌ والأمر، صحيح ولكن بالنسبة للجزائر التي أنفقت المليارات من الدولارات على الصراع دون فائدة"، حسب نور الدين.
وتابع أحمد نور الدين أن "النتيجة الوحيدة هي عزلة الجزائر دوليا وعزلتها في محيطها المباشر، وانهيارها اقتصاديا، وانفجارها داخليا بسبب الاحتقان السياسي والاجتماعي، وكل ذلك نتيجة لخياراتها الانتحارية ضد المغرب".
ونبه المتحدث إلى أنه في مقابل ذلك، "استطاع المغرب أن يحول نزاع الصحراء إلى فرصة للإقلاع الاقتصادي والنهضة الصناعية والتحالفات الاستراتيجية مع القوى الكبرى والإقليمية".