هل تنجح الجامعات المغربية في صناعة أجيال جاهزة لسوق الشغل؟
أصبحت قضية تحقيق الالتقائية بين العرض الجامعي ومتطلبات سوق الشغل محورًا رئيسيًا للنقاشات السياسية والاجتماعية في المغرب، حيث تزداد التحديات المرتبطة بملاءمة الكفاءات الجامعية مع احتياجات السوق يومًا بعد يوم.
وفي هذا السياق، أكد المستشار البرلماني لحسن الحسناوي، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، أن الإجراءات التي تتخذها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تُظهر وعيًا متزايدًا من طرف الحكومة بأهمية معالجة هذا الملف الحيوي.
وأشار الحسناوي إلى أن تحقيق الالتقائية يُعد من المداخل الأساسية للحد من تفاقم البطالة، خاصة بين صفوف الشباب.
وأوضح الحسناوي أن الحكومة جعلت التشغيل أولوية رئيسية في ما تبقى من عمر ولايتها، مع التركيز على تقييم البرامج الطموحة التي أُطلقت سابقًا، مثل برنامج تكوين 100 ألف خريج في القطاع الصناعي، والذي يهدف إلى تلبية الطلب المتزايد في مجالات الطيران وتصنيع السيارات.
كما أشار إلى برنامج تكوين 22 ألف خريج في قطاع الانتقال الرقمي بحلول سنة 2026، وهو جزء من شراكة استراتيجية بين الجامعة والمقاولة تهدف إلى دعم النمو الاقتصادي الوطني.
في قطاع الصحة، أشار الحسناوي إلى جهود الحكومة لتأهيل المنظومة الصحية، من خلال الرفع من أعداد الأطر الصحية بثلاثة أضعاف بحلول عام 2030. ولتحقيق ذلك، تم توسيع الطاقة الاستيعابية للكليات القائمة وإنشاء كليات جديدة.
كما أكد الحسناوي أن برنامج التكوين الأساسي الخاص بسلك الإجازة في التربية يمثل خطوة نوعية في توفير أطر تعليمية مؤهلة تلبي احتياجات المدرسة العمومية.
من جانبه، شدد عز الدين ميداوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، على أن 70% من خريجي الجامعات ينخرطون في سوق الشغل، لكن تحقيق المزيد من الفعالية يتطلب تحسين جودة التكوين الجامعي لمواكبة التحولات السريعة في سوق العمل، خاصة مع التطورات التي يفرضها الذكاء الاصطناعي.
وأشار الوزير إلى أن وزارته تعمل بشكل دوري على تحيين الدفاتر البيداغوجية وتطوير المناهج الأكاديمية بما يتماشى مع متطلبات السوق، بالإضافة إلى تنفيذ برامج تكوين بالتعاون مع وزارات مختلفة.
في هذا السياق، تم تعميم مكاتب "أنابيك" في المؤسسات الجامعية لتعزيز الدعم الوظيفي للطلبة والخريجين، بما يساهم في تسهيل اندماجهم في سوق العمل.
ومع ذلك، أشار المتحدثون إلى ضرورة تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص لضمان استدامة الجهود المبذولة.
الحسناوي دعا إلى إعطاء هذه القضية أهمية قصوى، حيث إن تحقيق التوازن بين الكفاءات الجامعية واحتياجات السوق سيجعل المغرب أكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية.
وشدد على أن هذه الجاذبية تعتمد بشكل كبير على توفير موارد بشرية مؤهلة وقادرة على تعزيز الإنتاجية والمردودية الاقتصادية.
ويبقى التحدي الأكبر أمام الحكومة هو الحفاظ على شفافية البرامج وتوزيع الفرص بعدالة مجالية، بما يضمن تحقيق التنمية الشاملة.
ولا يقتصر النجاح في هذا المسعى على تأهيل الأطر فقط، بل يتطلب أيضًا بناء بيئة تعليمية مرنة قادرة على التكيف مع المتغيرات الاقتصادية والتكنولوجية.