600 ألف منصب شغل وراء "مول الحانوت".. هل تنجح الحكومة في حمايتهم؟

يشكل التاجر الصغير، أو "مول الحانوت"، أكثر من مجرد بائع محلي؛ فهو دعامة اجتماعية حيوية وحل أساسي لتلبية احتياجات المواطنين، خاصة في ظل الأعباء الاقتصادية المتزايدة التي تثقل كاهل الأسر المغربية.
بفضل نظام التعامل الإنساني الذي يتبعه، يتحول مول الحانوت إلى ملاذ للأسر المحتاجة من خلال تقديم قروض غير مكلفة للمواد الغذائية، ما يعزز دوره كمحرك اقتصادي واجتماعي لا غنى عنه في حياة المغاربة اليومية.
وسط أرقام مذهلة تكشف عن دور حاسم للبقالين في الاقتصاد الوطني، أكد عمر حجيرة، كاتب الدولة المكلف بالتجارة الخارجية، أن البقال أو "مول الحانوت" يشكل الركيزة الأساسية لتجارة القرب في المغرب.
وفي جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس النواب، أوضح حجيرة أن البقالة يمثلون 80% من نقاط البيع على المستوى الوطني، ويساهمون بنسبة 58% من رقم معاملات التجارة الداخلية، كما يوفرون فرص شغل لحوالي 36% من العاملين في القطاع التجاري، مما يجعلهم القلب النابض للاقتصاد المحلي والاجتماعي.
لم تقتصر تصريحات حجيرة على تسليط الضوء على الأهمية الاقتصادية للبقالة، بل أبرزت أيضاً الجانب الإنساني لهذا القطاع.
وأشار إلى أن 90% من البقالين يقدمون قروضاً بدون فائدة لزبائنهم، ما يعكس دورهم الاجتماعي في دعم الأسر المغربية.
وأضاف أن القطاع يشغل حوالي 600 ألف شخص، وهو رقم يعكس ثقلاً كبيراً لهذا النشاط التجاري في تحقيق الاستقرار المعيشي لمئات الآلاف من الأسر بالمملكة.
ومع التطورات التكنولوجية وظهور التجارة الإلكترونية والمساحات التجارية الكبرى، التي لا يتجاوز عددها 1050 نقطة بيع وتشغل 30 ألف شخص فقط، يجد البقال نفسه أمام تحديات جديدة.
لكن الحكومة، وفق ما أوضحه حجيرة، تعمل على تمكين التجار الصغار من مواكبة هذه التحولات.
وشملت هذه المبادرات شراكة مع جامعة محمد السادس ببنكرير لدعم 156 تاجراً بحلول رقمية، مثل "الكارني الإلكتروني"، وتوفير أدوات لإدارة المخزون والمبيعات بطرق أكثر حداثة وفعالية.
كما كشف المسؤول الحكومي أن الوزارة أطلقت شراكات مع منصات البيع الإلكترونية، مما أتاح لـ4500 بقال الانخراط في منظومة البيع عبر الإنترنت، مع إنشاء 200 نقطة توصيل لتعزيز التكامل بين التجارة التقليدية والإلكترونية.
وأكد حجيرة أن الحكومة تسعى جاهدة لتشجيع استخدام الأجهزة الحديثة للدفع الإلكتروني بين البقالة، ما سيعزز قدرتهم على الاستجابة لتغيرات السوق وتحسين تجربتهم مع الزبائن.
ومع ذلك، تبقى الأسئلة قائمة حول مدى قدرة هذه المبادرات على تحقيق تغيير ملموس في حياة البقالة، وما إذا كانت ستمنحهم القوة الكافية للمنافسة في ظل زحف التجارة الإلكترونية والمساحات الكبرى.