دعوات لتشديد الرقابة على مستفيدي الدعم الاجتماعي المباشر

الكاتب : انس شريد

25 يناير 2025 - 10:30
الخط :

أصبح ملف الدعم الاجتماعي المباشر في المغرب محورًا لنقاش حاد في الأوساط السياسية والحقوقية، مع تصاعد الدعوات إلى مراجعة شاملة لنظامه.

وكشف تقرير مؤسسة وسيط المملكة مؤخرا، عن اختلالات عميقة في معايير الاستفادة، ما أثار جدلًا حول عدالة وشفافية هذه البرامج الموجهة لدعم الفئات الهشة.

هذه النقائص دفعت رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، إلى مطالبة كل من وزير الصحة والحماية الاجتماعية أمين التهراوي ووزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح، بالكشف عن التدابير المتخذة لمعالجة هذه الثغرات وضمان تحقيق الأهداف المرجوة من الدعم.

وأشار حموني في مراسلة كتابية إلى أن هذه المعايير تسببت في إقصاء عدد كبير من المستحقين دون مبررات واضحة، مما يفرض إعادة النظر في المؤشرات المعتمدة.

وأضاف أن الربط بين الدعم المباشر وإلزامية الاشتراك في التأمين الإجباري عن المرض يزيد من عبء الفئات الهشة بدلًا من تخفيفه، مطالبًا بإدماج التغطية الصحية المجانية ضمن برامج الدعم المباشر لضمان الأمن الصحي للفئات الأكثر ضعفًا.

بدوره لفت تقرير وسيط المملكة إلى أن النصوص القانونية المنظمة لهذه البرامج تفتقر إلى العدالة والمرونة، ما أدى إلى إقصاء مستحقين دون تفسيرات كافية.

كما أشار إلى بطء معالجة ملفات استرجاع المصاريف الصحية ورفض تعويض أدوية باهظة الثمن للأمراض المزمنة، وهو ما يزيد من معاناة المواطنين ويهدد الثقة في النظام الصحي.

من جهة أخرى، أثار التقرير مسألة التدخلات غير المبررة من قبل صناديق الاحتياط الاجتماعي في قرارات الأطباء المعالجين، معتبرًا أن هذه التدخلات تهدد العلاقة بين الطبيب والمريض وتضعف فعالية العلاج.

وطالب التقرير بمراجعة شاملة للنظام، تشمل تحديث قائمة الأدوية المعوض عنها وضمان سرعة معالجة الملفات الصحية.

في خطوة تعكس جدية الحكومة المغربية في تعزيز الشفافية والعدالة في توزيع الدعم الاجتماعي، أكد الوزير المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، مؤخرا، عزم الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي اتخاذ إجراءات صارمة لضمان أن جميع المستفيدين من الدعم المباشر يستحقونه فعلياً.

وأوضح لقجع، خلال مشاركته في لقاء مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب (CGEM) بالدار البيضاء، أن الوكالة ستبدأ في مراقبة دقيقة وفردية للمستفيدين عبر فروعها بمختلف جهات المملكة، بالتعاون مع وزارة الداخلية والسلطات المحلية، مع اتخاذ تدابير فورية بحق من يثبت توفره على دخل آخر.

وجاء تصريح الوزير رداً على مخاوف أعرب عنها أعضاء بالاتحاد العام لمقاولات المغرب حول رفض بعض العمال الإدلاء ببطائق تعريفهم الوطنية لدى مشغليهم أو التصريح بهم لدى صندوق الضمان الاجتماعي.

وأكد لقجع أن أي مستفيد يتم ضبطه بمزاولة عمل دون التصريح به سيتم حرمانه من الدعم بشكل فوري، مشيراً إلى أن هذا التوجه يهدف إلى تعزيز النزاهة في صرف الدعم وتجنب أي استغلال غير قانوني للموارد المخصصة لهذا الغرض.

من جهة أخرى، كشف الوزير عن تحقيق تقدم كبير في ورش التأمين الإجباري على المرض (AMO)، مشيراً إلى أن 32 مليون مغربي من أصل 36 مليوناً باتوا مشمولين بهذا النظام، رغم إقصاء بعض الفئات بسبب نظام المؤشر الذي يعاني من اختلالات بحاجة إلى تحسين.

وأوضح أن 11,4 مليون شخص يستفيدون من "أمو تضامن"، بينما تشمل التغطية الصحية للعمال غير الأجراء حوالي 3,7 مليون مستفيد. ورغم هذه الإنجازات، أقر لقجع بوجود تحديات تستدعي مواصلة العمل لتحسين النظام وضمان استفادة الجميع.

وفي سياق الإصلاحات، أشار الوزير إلى أن إدماج ملايين المغاربة في نظام التأمين الصحي كلف الدولة أكثر من 10 مليارات درهم، مع تخصيص جزء كبير من هذه التكلفة لتوفير الأدوية، التي تمثل نسبة عالية من مصاريف الصناديق الصحية.

كما أكد أن تحسين العرض الصحي كان جزءاً أساسياً من هذا الإصلاح، حيث ارتفعت ميزانية الصحة من 15,8 مليار درهم في عام 2021 إلى 32,6 مليار درهم حالياً، مع التركيز على تطوير المؤسسات الاستشفائية القائمة وإنشاء مستشفيات جامعية جديدة، من بينها مستشفيات في الراشدية وكلميم وبني ملال، المتوقع انطلاقها هذا العام.

أما فيما يتعلق بورش الدعم الاجتماعي المباشر، فقد أوضح لقجع أن هذا البرنامج يغطي 4 ملايين أسرة مغربية، بمخصصات تتراوح بين 500 و1500 درهم شهرياً، ما يعادل تكلفة إجمالية تصل إلى 25,5 مليار درهم حالياً، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 27 مليار درهم بحلول عام 2025.

وأكد الوزير أن الدولة أنفقت حتى الآن حوالي 35 مليار درهم على إصلاحات التأمين الصحي والدعم الاجتماعي، مما يعكس التزام الحكومة بتحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين جودة حياة المواطنين.

آخر الأخبار