هل أضعفت حكومة أخنوش دور البرلمان في التشريع؟

الكاتب : انس شريد

27 يناير 2025 - 07:30
الخط :

تسبب تجاهل الحكومة الحالية، بقيادة عزيز أخنوش، لمقترحات القوانين المقدمة من طرف البرلمان، في تصاعد غضب المعارضة داخل مجلس النواب، مما فتح بابًا واسعًا للنقاش حول احترام المبادئ الدستورية والتوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.

وأثار هذا التجاهل، الذي يتعارض مع مقتضيات المادة 152 من النظام الداخلي لمجلس النواب، انتقادات حادة، حيث وصفته المعارضة بأنه مساس بحق البرلمان في التشريع وإضعاف لدوره الأساسي.

وخلال جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة، عبّر رئيس الفريق الحركي، إدريس السنتيسي، عن استيائه من عدم التفاعل الجدي مع مقترحات القوانين التي يقدمها البرلمان، مشيرًا إلى أن هذا السلوك يمثل “ضربًا خطيرًا” لحق البرلمانيين في المساهمة في صياغة التشريعات.

وأضاف السنتيسي أن الحكومة تُظهر تهاونًا واضحًا في احترام الفصول الدستورية والقانونية المنظمة للعلاقة بين السلطتين، مشددًا على ضرورة الالتزام بالفصل 10 من الدستور، الذي يضمن حقوق المعارضة، والفصل 71 الذي يحدد مجالات التشريع البرلماني.

منذ بداية الولاية التشريعية الحالية، بدا واضحًا، وفق العديد من المراقبين، أن الحكومة تسعى إلى احتكار المبادرة التشريعية، مما جعل البرلمان يبدو في أعين البعض وكأنه مجرد "غرفة تسجيل حضور"، في حين أن وظيفته الأساسية هي التشريع والرقابة على العمل الحكومي.

هذا الوضع أثار قلق نواب المعارضة الذين طالبوا بضرورة استعادة البرلمان لدوره الحقيقي في النظام الديمقراطي، وحذروا من أن استمرار هذا النهج يهدد مبدأ الفصل بين السلطات ويقلص من مساحة التعاون والشراكة بين الفاعلين السياسيين.

وفي مداخلته، ذكّر السنتيسي الحكومة بالآجال المحددة للرد على مقترحات القوانين، مشيرًا إلى أن المادة 152 تنص على ضرورة تقديم إجابة في ظرف 20 يومًا أو شهر كحد أقصى.

واعتبر أن التزام الحكومة بهذه الآجال هو الحد الأدنى المطلوب لضمان احترام المؤسسات الدستورية وتحقيق فعالية العمل التشريعي.

كما دعا إلى دراسة جميع المقترحات المقدمة من البرلمان بجدية، سواء بالقبول أو الرفض، مضيفًا أن البرلمانيين مستعدون لسحب المقترحات غير المناسبة إذا قدمت الحكومة مبررات واضحة وموضوعية.

هذا الغضب البرلماني لم يكن وليد اللحظة، إذ عبرت المعارضة مرارًا عن استيائها من تعاطي الحكومة مع مقترحاتها، مؤكدة أن هذا التجاهل يُضعف التعاون بين السلطتين ويعطي انطباعًا بعدم احترام مبدأ التشارك في العمل السياسي.

وطالبت المعارضة الحكومة بتغيير نهجها واعتماد مقاربة أكثر انفتاحًا وتفاعلًا مع مبادرات البرلمان، حتى تتحقق التوازنات المطلوبة لضمان مصالح الوطن والمواطنين.

وفي ظل هذه التوترات، تبرز أسئلة جوهرية حول مستقبل العلاقة بين الحكومة والبرلمان، ومدى إمكانية تجاوز هذه الخلافات لتحقيق انسجام سياسي أكبر يخدم العملية الديمقراطية.

كما أن هذا الجدل يسلط الضوء على ضرورة مراجعة الممارسات القائمة لتعزيز أدوار المؤسسات الدستورية وضمان تكاملها، خاصة في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه البلاد على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.

آخر الأخبار