شركات المناولة تحت المجهر.. حقوق مهدورة ووعود بالإصلاح

الكاتب : انس شريد

29 يناير 2025 - 10:00
الخط :

داخل أروقة المؤسسات العمومية، وتحت غطاء شركات المناولة، تتفاقم معاناة آلاف العمال الذين يجدون أنفسهم في دوامة من الهشاشة المهنية وانعدام الحقوق.

ولم تترك كلمة وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، في قبة البرلمان، مجالًا للشك حول حجم الاختلالات التي تعتري هذا القطاع، حيث كشف عن تسجيل 325 ألف ملاحظة خلال عمليات التفتيش الميدانية، كان نصيب الأجور منها 84 ألف ملاحظة، في مشهد يعكس واقعًا صادمًا عن الظروف التي يعمل بها هؤلاء المستخدمون.

وأوضح الوزير، خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين، أن عمليات التفتيش التي أجرتها الوزارة خلال السنة الماضية كشفت عن تسجيل 325 ألف ملاحظة، من بينها 84 ألف ملاحظة تتعلق بالأجور، و5000 ملاحظة متصلة بالصحة والسلامة، و16 ألف ملاحظة تخص الحماية الاجتماعية، مؤكدًا أن هذه الأرقام تعكس واقعًا لا يمكن التغاضي عنه، يستدعي تدخلاً عاجلًا لإعادة التوازن لهذا القطاع وضمان حقوق الطبقة الشغيلة التي تعاني أوضاعًا هشة.

وأشار يونس السكوري إلى أن شركات المناولة التي تتولى تنفيذ عقود التدبير المفوض أو الشراكات بين القطاعين العام والخاص غالبًا ما تتحايل على القوانين لضغط التكاليف، ما يؤدي إلى حرمان العمال من حقوقهم الأساسية.

وأوضح الوزير أن مدونة الشغل تنص بوضوح على أنه في حال إعسار المقاولة من الباطن، يكون المقاول الأصلي ملزمًا بأداء الأجور وتعويضات العطلة السنوية المستحقة وكذا التعويضات الناتجة عن الفصل من العمل، إضافة إلى الاشتراكات في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

لكنه شدد على أن الإشكالية ليست في وجود القوانين، بل في ضعف آليات الرقابة وضمان الامتثال، وهو ما يستدعي مراجعة مدونة الشغل لتعزيز صلاحيات مفتشي الشغل وتمكينهم من آليات أكثر فعالية لمراقبة مدى احترام الشركات لهذه الالتزامات.

وأكد الوزير أن الحكومة تبذل جهودًا لضمان تحسين أوضاع العمال عبر آليات متعددة، من بينها تشديد المراقبة على تنفيذ الحد الأدنى للأجور في الصفقات العمومية، لافتًا إلى أن منشور رئيس الحكومة يدعو كافة الإدارات العمومية إلى احترام القانون وجعل نفسها قدوة في هذا المجال.

وفي المقابل، اعتبرت النقابات المهنية مرارا، أن ضعف الرقابة الحكومية على هذا القطاع يشجع شركات المناولة على التمادي في انتهاك القوانين، حيث تغيب آليات صارمة لضمان احترام عقود الشغل، مما يسمح لهذه الشركات بتحقيق أرباح طائلة على حساب معاناة العمال.

مؤكدين أن الحل لا يكمن فقط في تعديل القوانين، بل يتطلب تدخلاً حكوميًا عاجلًا لإلزام الشركات العمومية، عند اللجوء إلى المناولة، بإبرام عقود تحترم حقوق المستخدمين بشكل واضح.

ورغم هذه التحديات، لا تزال الحكومة تؤكد التزامها بتعزيز الحماية الاجتماعية للعمال وإصلاح التشريعات المنظمة لقطاع المناولة، إلا أن التساؤلات تبقى قائمة حول مدى جدية هذه الوعود وقدرتها على تحقيق تغيير ملموس في حياة الآلاف من العمال الذين يعانون من هشاشة التوظيف وانعدام الاستقرار المهني.

وفي ظل استمرار الاحتجاجات العمالية  التي تكشف عن حجم هذه التجاوزات، يبدو أن إصلاح قطاع المناولة أصبح ضرورة ملحة لا تقبل التأجيل، فإما أن يتم اتخاذ قرارات جريئة تنصف العمال، أو أن يظل هذا الملف مفتوحًا على مزيد من التوترات الاجتماعية.

آخر الأخبار