بوحمرون يفتك بالأطفال.. 42% من الوفيات لأقل من خمس سنوات

الكاتب : انس شريد

01 فبراير 2025 - 06:30
الخط :
أصبح الانتشار السريع لمرض "بوحمرون" أو الحصبة في المغرب ناقوس خطر يثير قلقاً متزايداً بين المواطنين، خاصة في المناطق النائية التي تعاني من نقص الخدمات الصحية.
 هذا المرض الفيروسي شديد العدوى، والذي كان قاب قوسين أو أدنى من القضاء عليه في الماضي، يعود اليوم بقوة ليُهدد حياة الآلاف، وسط تساؤلات حول أسباب عودته وسبل مواجهته.
وفي هذا الصدد، كشف محمد اليوبي، مدير مديرية علم الأوبئة ومحاربة الأمراض بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، عن أرقام صادمة تخص انتشار المرض، مؤكداً أن الإصابات تسجل في صفوف جميع الشرائح العمرية، بما في ذلك الرضع الذين لم يتجاوزوا تسعة أشهر، أي قبل أن يصلوا إلى السن الذي يتلقون فيه الجرعة الأولى من اللقاح.
 وأوضح اليوبي أن المناطق الأكثر تضرراً تشمل جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، تليها جهة فاس-مكناس، ثم منطقتي الرباط-سلا-القنيطرة، وبدرجة أقل الدار البيضاء-سطات، بالإضافة إلى بعض الأقاليم في جهة مراكش-آسفي.
وأشار اليوبي، خلال عرض قدمه على هامش ندوة صحافية نظمها المرصد الوطني لحقوق الطفل، إلى أن الارتفاع السريع في عدد الحالات خلال الأسابيع الأخيرة تم تسجيله بشكل خاص في مناطق طنجة-تطوان-الحسيمة وفاس-مكناس، مع تسجيل معدلات إصابة تراكمية مماثلة في الرباط-سلا-القنيطرة والدار البيضاء-سطات.
كما أظهرت البيانات أن الإصابات الأولى ظهرت في سوس-ماسة ودرعة-تافيلالت، مما يؤكد أن الفيروس ينتشر بسرعة في مناطق متفرقة من البلاد.
وتفصيلاً للأرقام، سجلت الوزارة 7633 إصابة لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 شهراً و11 سنة، و6429 حالة لدى الأشخاص ما بين 12 و36 سنة، و2028 حالة لدى من تجاوزت أعمارهم 37 سنة. كما تم تسجيل 1893 حالة لدى رضع أقل من 9 أشهر، و1693 حالة لدى من هم بين 9 أشهر و17 شهراً. هذه الأرقام تكشف أن الفيروس لا يستثني أي فئة عمرية، مما يزيد من خطورته وتأثيره على المجتمع.
أما بالنسبة للوفيات، فقد أظهرت البيانات أن 42% منها سجلت لدى أطفال أقل من خمس سنوات، و24% لدى أشخاص تفوق أعمارهم 37 سنة، و15% ما بين 18 و36 سنة، و12% ما بين 5 و11 سنة، و7% ما بين 12 و17 سنة.
وتابع اليوبي أن الغالبية العظمى من حالات الوفاة كانت بين الأشخاص غير الملقحين، مما يعني أن هذه الخسائر في الأرواح كان من الممكن تفاديها لو تم تحقيق تغطية تلقيحية كافية.
وأوضح اليوبي أن الوضع الوبائي الحالي للحصبة، الذي تتابعه الوزارة منذ شتنبر 2023، يشهد ارتفاعاً ملحوظاً في الحالات، ويرتبط بشكل رئيسي بعدد الأشخاص غير الملقحين. وأكد أن الفيروس يصيب جميع الفئات العمرية وفي مختلف جهات المملكة، مشدداً على أن تحقيق تغطية تلقيحية بنسبة 95% على الأقل هو المفتاح لتطويق هذا التفشي.
وأشار البروفيسور إلى أن فيروس الحصبة يعد من الفيروسات سريعة الانتشار نظراً لقدرته على نقل العدوى بسهولة إلى الأشخاص غير الملقحين. وخلال ندوة عبر الإنترنت نظمت تحت رعاية المرصد الوطني لحقوق الطفل ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية تحت شعار “جميعاً معبؤون لإنجاح الاستجابة ضد الحصبة”، أكد اليوبي أن المغرب شهد نجاحاً كبيراً في مكافحة المرض منذ إعادة هيكلة البرنامج الوطني للتمنيع سنة 1987، مع إطلاق “الأيام الوطنية للتلقيح” بناء على دعوة المغفور له الملك الحسن الثاني.
وأضاف أن توسيع نطاق التلقيح ليشمل جميع اللقاحات المدرجة في البرنامج الوطني، بما فيها لقاح الحصبة، أدى إلى تراجع كبير في عدد الحالات السنوية المسجلة. ومع إدخال جرعة ثانية من التلقيح في المدارس بين 2002 و2008، اقترب المغرب من الإعلان عن القضاء على المرض.
إلا أن تراجع الإقبال على التلقيح في السنوات الأخيرة أدى إلى عودة الفيروس بقوة، حيث أكد اليوبي أن “السبب الرئيسي في تفشي بوحمرون هو تراكم أعداد كبيرة من الأشخاص غير المحصنين؛ مما سهّل انتشار الفيروس بسرعة، حيث انتقل من شخص مصاب إلى أفراد آخرين غير محصنين”.
ودعا اليوبي إلى تعزيز التوعية بأهمية التلقيح، مشيراً إلى أن حملات التطعيم المستمرة هي السبيل الوحيد لحماية الأفراد والأجيال القادمة من الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات.
كما أكد أن “التفشي لم يكن محصوراً في فئة عمرية معينة أو منطقة محددة، بل طال جميع الفئات العمرية وجميع أنحاء البلاد، مع تسجيل معدلات انتشار أعلى في بعض المناطق مقارنة بغيرها”.
واختتمت الندوة بتقديم عروض حول البروتوكول الوطني للتلقيح ضد الحصبة، مع التأكيد على ضرورة تعزيز العمل المنسق بين جميع الأطراف المعنية لمواجهة هذا التحدي الصحي.
وأكد المشاركون أن المكافحة الفعالة ضد المرض تتطلب جهوداً متضافرة من الحكومة والمجتمع المدني والأسر، لضمان تحقيق تغطية تلقيحية شاملة تحمي صحة المواطنين وتضمن مستقبلاً خالياً من الأمراض التي يمكن الوقاية منها.

آخر الأخبار