بين اتهامات الفساد وإنكار الجمعية.. أزمة دعم الماشية تواصل إثارة الجدل

وسط أجواء مشحونة بالقلق والتساؤلات، ومع استمرار موجة الجفاف التي تضرب المغرب للسنة السابعة على التوالي، تتصاعد الأصوات المطالبة بتحقيق شفافية أكبر في ملف دعم الماشية، خاصة في ظل اتهامات خطيرة تتعلق بتضخيم أعداد القطعان للحصول على دعم مالي لقطعان غير موجودة.
هذه الاتهامات، التي أثارها النائب البرلماني رشيد حموني، رئيس فريق "التقدم والاشتراكية"، عبر سؤال كتابي وجهه إلى وزير الفلاحة، فتحت الباب أمام نقاش حاد حول مصير الدعم العمومي المخصص لمربي الأغنام والماعز، ودور الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز في هذه المعادلة.
في تفاصيل السؤال البرلماني، أشار حموني إلى شبهات حول تلاعب في تدبير شراكة الوزارة مع الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز، مؤكدًا أن هذه الشبهات قد تشكل تهديدًا جديًا للتخطيط الفلاحي والاقتصاد الوطني.
كما تساءل عن مصير الدعم العمومي الذي تقدمه الدولة للكسّابة، مشيرًا إلى شكاوى عديدة حول عدم وصول بعض التجمعات إلى مستحقاتها، ما يفتح الباب أمام اتهامات بوجود اختلالات مالية وإدارية.
من جانبها، ردت الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز بشكل قوي على هذه الاتهامات، مؤكدة في بلاغ رسمي أنها "لا تتحصل على أي دعم من أي جهة تحت مسمى دعم سلاسل الإنتاج"، واصفة اتهامات النائب البرلماني بأنها "عارية من الصحة".
وأوضحت الجمعية أن جميع أنشطتها مرتبطة بصنفي الأغنام والماعز فقط، ونفت أي علاقة لها بما يسمى "دعم العجول"، متهمة النائب بـ"ترويج مغالطات واتهامات دون أساس".
وأكدت الجمعية أن جميع مبالغ الدعم التي تم تلقيها من الجهات ذات الصلة قد تم توزيعها بشكل عادل على المنخرطين المحسنين، مشيرة إلى أن جميع العمليات التي كلفت بها من قبل الوزارة الوصية "صحيحة وسليمة وتخضع للمراقبة الميدانية والتدقيق المحاسبي".
ووجهت الجمعية سؤالًا استنكاريًا للنائب البرلماني: "هل أزيد من 15.000 منخرط برمتهم سيجمعون عن رضاهم عن أداء الجمعية؟"، في إشارة إلى رضا أعضائها عن أدائها.
في المقابل، تظل الآثار الاقتصادية والاجتماعية للجفاف المستمر تثقل كاهل الفلاحين والمستهلكين على حد سواء.
فقد شهدت أسعار المواشي ارتفاعًا غير مسبوق، مما أدى إلى تفاقم الأزمة في سوق اللحوم الحمراء، حيث أصبحت الأسعار تفوق قدرة العديد من الأسر المغربية.
هذه الأوضاع أثارت موجة من الغضب والجدل حول الأسباب والحلول الممكنة، خاصة مع اقتراب موعد عيد الأضحى، الذي يعد مناسبة مهمة للمغاربة.
في الأسواق المحلية، يواجه الفلاحون تحديات يومية صعبة.
أحد المربين بضواحي الدار البيضاء قال في حديث سابق للجريدة 24: "العجول تحتاج إلى علف يومي يكلف حوالي 60 درهمًا، ومع الجفاف وارتفاع أسعار المحروقات، أصبحنا نعيش في أزمة مستمرة".
وأضاف آخر: "حتى إذا قررنا بيع مواشينا، فإن الأسعار المعروضة لا تغطي تكاليف العلف التي أنفقناها طوال الشهور الماضية".
في ظل هذه الأوضاع، يبقى الأمل الوحيد للفلاحين والمستهلكين هو حدوث تحسن في الأحوال الجوية، حيث يمكن أن تساهم التساقطات المطرية في تخفيف حدة الأزمة وتهدئة الأسواق.
ومع ترقب المغاربة لأي قرار رسمي بشأن عيد الأضحى، يبدو أن الأشهر المقبلة ستكون حاسمة في تحديد ملامح هذا الملف الشائك، الذي يمس بشكل مباشر حياة آلاف الأسر واقتصاد البلاد.