الدار البيضاء تحارب فوضى ركن السيارات.. دفتر تحملات جديد على الأبواب

في خطوة جريئة تهدف إلى إعادة تنظيم الفضاء العمومي وإنهاء حالة الفوضى التي طالما عانت منها شوارع العاصمة الاقتصادية، تتجه جماعة الدار البيضاء خلال أشغال الدورة العادية لشهر فبراير الجاري إلى دراسة والتصويت على مشروع دفتر التحملات المتعلق بالترخيص باستغلال الملك العام لركن السيارات.
هذا القرار يأتي في إطار خطة شاملة تهدف إلى إعادة هيكلة قطاع حراسة السيارات، الذي أصبح مصدرًا للجدل والتوتر بين المواطنين والحراس على حد سواء.
ووفقا لمصادر الجريدة 24، فإن المجلس الجماعي يراهن على تمشيط العاصمة الاقتصادية من حراس السيارات بشكل كلي، تمهيدًا لوضع مخطط عمل جديد يخص هذه الفئة.
وفي إطار هذه الإصلاحات، حسب ذات المصادر، يتدارس مجلس جماعة الدار البيضاء إمكانية منح هذا القطاع إلى إحدى الشركات البيضاوية، مما قد يؤدي إلى تحول جذري في طريقة إدارة مواقف السيارات بالمدينة.
ووفقا لذات المصادر، فإنه من المرتقب العمل على تعميم العدادات الإلكترونية لإنهاء عمل حراس السيارات غير المرخصين، مما يوفر نظامًا أكثر تنظيمًا وشفافية لسكان المدينة وزوارها.
وحسب ذات المصادر، من المتوقع أن يتم فتح باب طلب العروض لاختيار شركة مغربية للإشراف على ذلك، تفاديًا للفوضى التي يعرفها الملف حاليًا.
ويأتي هذا القرار في أعقاب إصدار مجلس جماعة الدار البيضاء قرارًا سابقًا يقضي بتجميد منح وتجديد رخص حراسة السيارات بشكل نهائي.
هذا القرار، الذي أثار جدلاً واسعًا بين مختلف الفئات، جاء استجابة لشكاوى متصاعدة من السكان الذين يعانون من تفاقم ظاهرة احتلال الأماكن العامة بشكل عشوائي من قِبل حراس السيارات، وما يرافق ذلك من ممارسات غير قانونية تسببت في توتر دائم بين المواطنين والحراس.
غير أن هذا القرار لم يمر دون ردود فعل غاضبة من قِبل العاملين في هذا القطاع، الذين اعتبروا أن التجميد سيؤدي إلى تشريد آلاف الأسر التي تعتمد على هذا النشاط كمصدر رزق وحيد.
وعبر عدد من حراس السيارات، في حديث سابق للجريدة 24، عن استيائهم العميق مما وصفوه بـ"القرار القاسي" الذي يهدد مصدر رزقهم الوحيد، معتبرين أن تجميد الرخص يمثل ضربة موجعة قد تؤدي إلى تشريد أسرهم ودفعهم نحو المجهول.
وطالبوا الجهات المنتخبة بالتحرك لإنصافهم وإيجاد حلول عادلة بدلاً من اتخاذ قرارات قد تقضي على استقرارهم الاجتماعي والاقتصادي.
من جانبها، أكدت نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب (UNTM) أن القرار جاء دون دراسة كافية لتبعاته الاجتماعية والاقتصادية، معتبرة أن الحراس المهنيين يعانون أصلاً من غياب تنظيم واضح يحمي حقوقهم وينظم عملهم في إطار قانوني.
وسلط البيان الصادر عن النقابة الضوء على ضرورة تدخل الجمعيات والنقابات المشتغلة في القطاع، لتقنين المهنة وتنظيم العاملين فيها.
كما أشار البيان إلى أهمية فتح قنوات حوار مع السلطات المحلية والشركات الخاصة، مثل شركات تدبير "الصابو"، لضمان حقوق الحراس المهنيين ومنع احتكار هذا النشاط من قبل شركات خاصة قد تُقصي العاملين التقليديين.
وشددت النقابة على ضرورة تطوير برامج تكوين وتأهيل مهني للحراس، لتعزيز كفاءتهم وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.
كما دعت إلى حوار وطني شامل يعيد تقييم سياسات تدبير مواقف السيارات، ويضع إطاراً متوازناً بين تنظيم القطاع وحماية حقوق العاملين فيه.
وأكدت على أهمية إنشاء صناديق دعم اجتماعي وتأمين صحي لفائدة الحراس المهنيين، كجزء من عملية إدماجهم في المنظومة الاقتصادية الرسمية.
كما حثت على توعية المواطنين بأهمية الدور الذي يلعبه الحراس في حماية الممتلكات وتنظيم حركة المرور، مما يساهم في تعزيز التفاهم بين الطرفين.
غير أن هذه الجهود تواجه تحديات كبيرة، أبرزها غياب التنظيم المهني الكافي في القطاع، حيث يعمل العديد من الحراس دون أي إطار قانوني أو تنظيم مؤسساتي.
كما أن دخول شركات خاصة لتدبير مواقف السيارات قد يؤدي إلى صدام مباشر مع الحراس التقليديين، مما يزيد من تعقيد المشهد.
بالإضافة إلى ذلك، يواجه العاملون في القطاع تحديات تتعلق بنظرة المجتمع إليهم، حيث يعتبرهم البعض جزءاً من حالة الفوضى التي يشهدها الفضاء العمومي.