مليار درهم عجز سنوي.. كيف ستعيد الحكومة هيكلة مديونية "لوتوروت"؟

في ظل التحديات المالية التي تواجهها الشركة الوطنية للطرق السيارة في المغرب "لوتوروت"، كشف وزير التجهيز والماء، نزار بركة، عن إجراءات جادة لمعالجة المديونية المرتفعة التي تثقل كاهل الشركة، بما في ذلك دراسة مراجعة تسعيرة الأداء كخطوة محتملة لتحقيق التوازن المالي.
وجاء ذلك خلال اجتماع لجنة البنيات الأساسية بمجلس النواب، حيث ناقش الوزير المهمة الاستطلاعية حول الطرق السيارة، مؤكداً أن الهدف الرئيسي للشركة ليس تحقيق الربح، بل الاضطلاع بأدوار تنموية ذات أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية.
وأوضح بركة أن النموذج الاقتصادي للاستثمار في الطرق السيارة يتميز بعائد ربحي بعيد المدى، نظراً لارتفاع تكلفة الاستثمار مقارنة بالمداخيل على المدى القريب والمتوسط.
وأشار إلى أن الاستثمار الإجمالي في البنية التحتية للطرق السيارة بلغ 55 مليار درهم، تم تمويل 80% منها من قبل مؤسسات دولية، بينما تم تمويل 20% من رأس مال الشركة.
ورغم الجهود المبذولة، لم يُخفِ الوزير التحدي الكبير الذي تواجهه الشبكة الطرقية، حيث كشف أن ضعف حركة السير على أكثر من 500 كيلومتر منها يتسبب في عجز مالي سنوي ضخم يناهز مليار درهم، وهو نزيف مالي يُتوقع استمراره حتى عام 2033، ما يضع مستقبل التمويل والاستدامة أمام اختبار حقيقي.
وللتصدي لهذه التحديات، كشف بركة أن الوزارة اتخذت خطوات جريئة لتعزيز الاستقرار المالي للشركة، حيث رفعت من أصولها الذاتية ونجحت في تقليص معدل الدين بشكل ملحوظ من 4 إلى 1.5، مع دمج جميع عقود الامتياز في عقد واحد يمتد لـ 99 عامًا، وهي خطوة استراتيجية ضمنت استدامة العائدات المالية ورسّخت مكانة الشركة على المدى الطويل.
وأضاف أن إعادة هيكلة مديونية الشركة بين عامي 2016 و2020، التي بلغت 15.5 مليار درهم، أي ما يعادل 40% من إجمالي الديون، أسفرت عن تخفيض كبير في خدمة الدين بنحو 5 مليارات درهم، وذلك خلال الفترة الممتدة من 2016 إلى 2032، مما عزز الاستقرار المالي للشركة.
وأوضح أن هذه الديون كانت تشكل عبئًا ماليًا بسبب ارتفاع فوائدها، ما استدعى اتخاذ خطوة استراتيجية جريئة باستبدالها بديون أقل تكلفة. وقد أثمرت هذه الخطوة عن خفض ملحوظ في مستوى الدين، لينتقل من 40 مليار درهم في 2020 إلى 37 مليار درهم فقط في 2023، مما عزز الاستقرار المالي وفتح آفاقًا جديدة للاستثمار والتنمية.
وأكد الوزير أن هذه الإجراءات مكنت الشركة من الحفاظ على قدرتها على تمويل الاستثمارات والتشغيل، والوفاء بالتزاماتها تجاه الجهات الممولة، دون الحاجة إلى دعم مباشر من ميزانية الدولة.
وأشار إلى أن هناك مجموعة من الإجراءات قيد الدراسة في إطار عقد البرنامج الجديد للتحكم في المديونية، بما في ذلك بحث طرق تمويل مبتكرة لتمويل الاستثمارات المستقبلية، مع الحفاظ على التوازن المالي للشركة.
كما يجري النظر في إمكانية مراجعة تسعيرة الأداء كآلية لتحقيق الاستدامة المالية، ودراسة ربط نسبة المساهمة في رأس المال بمستوى حركة المرور بالنسبة للمقاطع الطرقية المستقبلية.
وأوضح بركة أن الشركة تقوم، بالشراكة مع هيئات حكامتها، بدراسة طرق تمويل مبتكرة وجديدة لتمويل استثماراتها المستقبلية مع الحفاظ على توازنها المالي.
كما أشار إلى دراسة إمكانية ربط نسبة المساهمة في رأس المال بمستوى حركة المرور بالنسبة لمقاطع الطرق السيارة المستقبلية.
وشدد على أن النموذج الاقتصادي للاستثمار في الطرق السيارة يتميز بعائد ربحي بعيد المدى، نظراً لارتفاع تكلفة الاستثمار مقارنة بالمداخيل القريبة والمتوسطة المدى.