ديربي النار يعود إلى “دونور” بحلة جديدة.. لقجع يؤكد الجاهزية التامة في مارس

في قلب الدار البيضاء، حيث يتقاطع شغف الكرة مع نبض المدينة المتسارع، شهد المركب الرياضي محمد الخامس اليوم الخميس زيارة تفقدية رسمية ترأسها فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، رفقة محمد مهيدية، والي جهة الدار البيضاء-سطات، وعبد السلام بلقشور، رئيس العصبة الوطنية لكرة القدم الاحترافية.

هذه الزيارة لم تكن مجرد جولة بروتوكولية عابرة، بل حملت بين طياتها رسالة واضحة للجماهير المغربية: مركب محمد الخامس يستعيد بريقه ويقترب من الجاهزية الكاملة لاستضافة أعظم المواعيد الكروية، وعلى رأسها ديربي الرجاء والوداد المرتقب في شهر مارس.

المركب الرياضي، الذي يُلقب بـ"دونور" ويُعتبر معلمة رياضية وتاريخية بامتياز، خضع خلال الأشهر الماضية لعمليات إعادة تأهيل شاملة بدأت منذ أواخر عام 2023. هذه الأشغال لم تكن مجرد تحسينات سطحية، بل تضمنت إصلاحات عميقة استهدفت مختلف مرافق الملعب، بهدف الارتقاء به لمصاف الملاعب العالمية وضمان توافقه مع المعايير الدولية التي تفرضها البطولات القارية الكبرى.

وتم تجديد مستودعات الملابس لتوفير بيئة مثالية للاعبين، وتحديث الكراسي في المدرجات لتقديم راحة أكبر للجماهير، مع الحفاظ على الطابع العريق الذي يميز هذا الفضاء الرياضي عن غيره.

ولم تقتصر عملية التحديث على الجوانب اللوجستية فقط، بل شملت أيضاً الجانب التكنولوجي. فقد تم تجهيز قاعة المؤتمرات الصحفية وغرفة التحكيم بتقنية الفيديو المساعد "VAR"، ما يعكس التزام المغرب بمواكبة التطورات العالمية في عالم كرة القدم.

كما تم تركيب شاشات عملاقة عالية الدقة توفر للجماهير تجربة مشاهدة استثنائية، إلى جانب تحديث أنظمة الصوت والإضاءة لتضمن أجواء حماسية تتناسب مع زخم المباريات الكبرى. تعزيزات أمنية متطورة كانت أيضًا جزءاً من خطة التأهيل، حيث تم تزويد الملعب بكاميرات مراقبة حديثة لضمان راحة وسلامة الجماهير خلال جميع التظاهرات الرياضية.

وأكد فوزي لقجع، خلال تصريحاته على هامش الزيارة،  أن المركب سيكون جاهزاً لاستقبال مباريات الرجاء والوداد أواخر شهر مارس، بما في ذلك مباراة الديربي التي تحظى بمتابعة جماهيرية وإعلامية واسعة.

هذه الأخبار جاءت بمثابة جرعة أمل لعشاق الكرة المغربية، خاصة جماهير الغريمين التقليديين الذين لطالما اعتبروا "دونور" أكثر من مجرد ملعب، بل فضاء يجسد شغفهم وهويتهم الكروية.

زيارة لقجع ووالي الدار البيضاء لم تكن معزولة عن السياق العام الذي تعيشه البنية التحتية الرياضية في المغرب حالياً، حيث يخضع عدد من الملاعب الوطنية الكبرى لعمليات صيانة وإعادة تأهيل استعداداً لاحتضان المغرب لمجموعة من البطولات القارية والدولية، وفي مقدمتها كأس أمم إفريقيا 2025 وكأس أمم إفريقيا للسيدات المرتقب في يونيو المقبل.

هذه الاستعدادات تعكس الرؤية الاستراتيجية التي تتبناها المملكة لتعزيز مكانتها كوجهة رياضية رائدة في القارة الإفريقية.

من جانبه، أوضح عبد السلام بلقشور، رئيس العصبة الوطنية لكرة القدم الاحترافية، أن الزيارة التفقدية سمحت بالاطلاع على تقدم الأشغال والاستماع لشروحات تقنية مفصلة من طرف الشركة المكلفة بالتنفيذ، وعلى رأسها شركة "سونارجيس" التي تشرف على مشروع إعادة تهيئة الملعب.

وشدد بلقشور على أهمية احترام الجدول الزمني المحدد، مؤكداً أن كل الأطراف المعنية ملتزمة بتسليم مركب محمد الخامس في أفضل حلة ممكنة.

ويتجاوز تجديد مركب محمد الخامس مجرد كونه مشروعاً هندسياً؛ إنه استثمار في ذاكرة رياضية عريقة، ورهان على مستقبل أكثر إشراقاً لكرة القدم المغربية.

هذا الملعب، الذي كان شاهداً على أمجاد كروية لا تُنسى، يستعد لكتابة فصل جديد من تاريخه الحافل، مع وعود بتجربة جماهيرية أكثر حداثة وإثارة.

وبين أصوات الحماس التي ستملأ المدرجات مجدداً، ستظل روح "دونور" نابضة بحكايات المجد والانتصارات التي تلهم أجيالاً من عشاق المستديرة.