بين وعود الحكومة وواقع السوق.. هل ستنخفض أسعار الأسماك في رمضان؟

في ظل موجة الغلاء التي تجتاح معظم المواد الأساسية بالمغرب، تسلط الأضواء حالياً على أزمة ارتفاع أسعار الأسماك، وعلى رأسها السردين، الذي تجاوز سعره في بعض الأسواق 20 درهماً للكيلوغرام الواحد.
هذا الوضع أثار موجة من الاستياء بين المواطنين، خاصة في الأحياء الشعبية، حيث يُعتبر السردين مكوناً رئيسياً في النظام الغذائي اليومي للعائلات ذات الدخل المحدود.
ووفقا لما عاينته "الجريدة 24"، في أسواق الدار البيضاء، فإن الأسماك الأخرى، كذلك ارتفاعا تجاوزت القدرة الشرائية للمستهلك المغربي، خاصة كلامار والقمرون والصول والسيبيا وغيرها، بحيث تراوحت أثمنتها ما بين 60 و130 درهما للكيلوغرام الواحد.
ومع اقتراب شهر رمضان، الذي يشهد تقليدياً ارتفاعاً في استهلاك المنتجات البحرية، تضاعفت المخاوف من استمرار هذا الارتفاع، مما يهدد بمزيد من الضغوط على القدرة الشرائية للأسر المغربية.
وفي محاولة لتبديد هذا القلق، خرجت زكية الدريوش، كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري، لتوضح الأسباب الكامنة وراء هذا الغلاء المفاجئ.
خلال ندوة صحفية عقدت على هامش الدورة السابعة من معرض "أليوتيس"، أكدت الدريوش أن ارتفاع أسعار السردين يعود أساساً إلى قلة العرض في الأسواق نتيجة فترة الراحة البيولوجية للأسماك، وهي فترة ضرورية للحفاظ على استدامة الثروة السمكية.
وأضافت أن هذه الفترة تزامنت مع عوامل مناخية صعبة، أبرزها برودة الطقس غير المعتادة وتغير التيارات المائية، المعروفة لدى الصيادين بـ"المنزلة"، مما أثر بشكل مباشر على نشاط الصيد وتقليص حجم الكميات المعروضة في الأسواق.
ورغم هذه التحديات، حملت تصريحات المسؤولة الحكومية جرعة من الطمأنينة للمستهلكين المغاربة، حيث أكدت أن أسعار السردين ستعود إلى مستوياتها الطبيعية قبل حلول شهر رمضان.
وأوضحت أن انتهاء فترة الراحة البيولوجية، المقرر في الخامس عشر من الشهر الجاري، سيؤدي إلى زيادة كبيرة في كميات الأسماك المعروضة، وبالتالي انخفاض الأسعار تدريجياً.
وأشارت إلى أن الوزارة تعمل على التنسيق مع مختلف الفاعلين في قطاع الصيد لضمان استقرار الأسعار وتفادي المضاربات التي تزيد من معاناة المستهلكين.
وفي هذا السياق، أعلنت الدريوش عن إطلاق مبادرة وطنية تحت شعار "الحوت بثمن معقول"، والتي ستبدأ قبل عشرة أيام من شهر رمضان. تهدف هذه المبادرة إلى توفير الأسماك بأسعار تنافسية في أكثر من ثلاثين مدينة مغربية، حيث ستتراوح الأسعار بين 17 و100 درهم للكيلوغرام الواحد حسب نوع السمك.
ويُرتقب أن تساهم هذه الخطوة في كسر احتكار بعض المضاربين الذين يستغلون تزايد الطلب خلال الشهر الفضيل لتحقيق أرباح غير مشروعة على حساب جيوب المواطنين.
من جهة أخرى، يعزو المهنيون في قطاع الصيد أسباب الغلاء أيضاً إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، بما في ذلك مصاريف المحروقات التي تشكل عبئاً كبيراً على ميزانيات قوارب الصيد.
هذا بالإضافة إلى تأثير عوامل لوجستية تتعلق بنقل وتوزيع المنتجات البحرية من الموانئ إلى الأسواق الداخلية، خاصة في ظل ضعف بعض البنى التحتية وغياب آليات فعالة لمراقبة الأسعار.
ومع تزايد الضغوط على الأسر المغربية، يظل الأمل معقوداً على أن تنجح التدابير الحكومية في الحد من ارتفاع أسعار الأسماك، وضمان توفرها بجودة وأسعار مناسبة خلال شهر رمضان.
فالمستهلك المغربي، الذي لطالما اعتبر السردين غذاءً شعبياً في متناول الجميع، يتطلع اليوم إلى حلول واقعية تخرجه من دائرة الغلاء المتصاعد، في انتظار أن تتحقق الوعود على أرض الواقع.