أحكام قضائية تطوق عنق عمدة الدار البيضاء

وسط أروقة محاكم الدار البيضاء، تتراكم القضايا على طاولة مجلس المدينة، مما يضع العمدة نبيلة الرميلي وفريقها أمام اختبارات قانونية ومالية عسيرة.
الجماعة، التي يفترض أن تكون قاطرة التنمية بالعاصمة الاقتصادية، باتت مكبلة بأحكام قضائية تهدد استقرارها المالي، في وقت يتصاعد فيه الجدل حول طريقة تدبير هذا الملف الشائك.
وكشف حسين نصر الله، نائب العمدة المكلف بقطاع التعمير، يوم أمس الخميس، خلال أشغال دورة فبراير العادية لمجلس المدينة أن الجماعة تواجه 174 قضية أمام المحاكم، تتوزع بين اعتداء مادي، منازعات ضريبية، صفقات عمومية، قضايا تعمير، نزاعات شغل، قضايا إلغاء، وأخرى متعلقة بحوادث السير.
التفاصيل تكشف عن وضع قانوني مقلق، حسب ما أكده نائب العمدة،حيث تشمل القضايا المرفوعة ضد الجماعة 24 قضية تتعلق بالاعتداء المادي، و8 قضايا منازعات ضريبية، و5 قضايا مرتبطة بالصفقات العمومية، إضافة إلى 33 قضية إلغاء، معظمها متعلق بالمباني الآيلة للسقوط، و9 قضايا تتصل بالتعمير.
كما تشمل القائمة 8 نزاعات شغل، و66 قضية متنوعة، فضلًا عن 21 ملفًا لحوادث السير.
في المقابل، لم تكتف الجماعة بالدفاع، حسب نائب العمدة، بل رفعت بدورها 4 دعاوى متعلقة بالحيازة، وقضيتين تخصان الإفراغ.
في مواجهة هذه التحديات، انتهجت الجماعة طريقة جديدة في التعامل مع بعض القضايا، أبرزها التدخل غير الخارج عن الخصومة، وهي مناورة قانونية تهدف إلى إيجاد مخارج تجنب الجماعة أداء تعويضات مالية ضخمة، حسب ما كشف عنه حسين نصر الله.
وأكد نصر الله، أن هذا الأسلوب أثمر في أحد الملفات، حيث تمكنت الجماعة من تفادي تنفيذ حكم يقضي بأداء 3 مليارات و200 مليون سنتيم.
هذه النجاحات الجزئية، لا تحجب حجم التحديات، خاصة مع استمرار تراكم القضايا أمام المحاكم.
الملف لم يعد محصورًا داخل أروقة مجلس المدينة، بل امتد إلى قبة البرلمان.
وسبق أن وجهت النائبة البرلمانية عن حزب التقدم والاشتراكية، لبنى الصغيري، سؤالًا كتابيًا إلى وزير الداخلية، كشفت فيه أن الجماعة تواجه ما مجموعه 3465 قضية، منها 2552 دعوى مرفوعة ضدها خلال العام الجاري فقط.
هذه الأرقام تعكس أزمة حقيقية، خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن تنفيذ الأحكام القضائية واجب دستوري، إذ ينص الفصل 126 من الدستور المغربي على إلزامية تنفيذ الأحكام النهائية على الجميع دون استثناء.
الصغيري لم تكتفِ بعرض الوضعية، بل تساءلت عن الإجراءات التي تعتزم وزارة الداخلية اتخاذها لضمان تنفيذ الأحكام، دون أن يؤدي ذلك إلى إفلاس الجماعات المحلية أو عرقلة مشاريعها.
هذا التساؤل يطرح إشكالية التوازن بين احترام دولة القانون وضمان استمرارية المرفق العام، خاصة في مدينة بحجم الدار البيضاء، حيث تتداخل المصالح الاقتصادية والاجتماعية بشكل معقد.
التحديات التي تواجهها جماعة الدار البيضاء تعكس أزمة أعمق تتجاوز الإطار المحلي، إذ تطرح تساؤلات حول مدى قدرة الجماعات الترابية في المغرب على مواجهة الإكراهات القانونية والمالية دون أن يؤثر ذلك على سير المشاريع التنموية، خاصة أن الدار البيضاء مقبلة على احتضان تظاهرات عالمية، أهمهما كأس أمم إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030.