381 طبيبا لآلاف المرضى.. هل يواجه المغرب أزمة صحة نفسية غير مسبوقة؟

الكاتب : انس شريد

10 فبراير 2025 - 06:30
الخط :

في خضم تصاعد المخاوف من انتشار ظاهرة المختلين عقلياً والمرضى النفسيين في شوارع المغرب، كشف وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، عن معطيات صادمة تؤكد هشاشة البنية الصحية النفسية في البلاد.

فقد اعترف الوزير، في إطار مناقشة تقرير المجلس الأعلى للحسابات برسم 2023-2024 بمجلس المستشارين، بأن عدد أطباء الأمراض العقلية في المغرب لا يتجاوز 381 طبيباً فقط، وهو رقم يسلط الضوء على التحديات الكبيرة التي تواجه قطاع الصحة النفسية في ظل تزايد حالات العنف المرتبطة بالاضطرابات النفسية.

انتشار هؤلاء المرضى في الأماكن العامة ليس مجرد مشهد مألوف، بل تحول إلى مصدر قلق عميق لدى المواطنين. حوادث الاعتداء، التي تتراوح بين إصابات جسدية خطيرة ووفيات مأساوية كما حدث في الدار البيضاء، لم تعد مجرد استثناءات.

هذه الوقائع خلفت وراءها ضحايا ليس فقط على المستوى البدني، بل أيضاً على الصعيد النفسي، حيث يترك الخوف والصدمة ندوباً يصعب تجاوزها.

في مواجهة انتقادات المستشارين، حاول التهراوي تسليط الضوء على الجهود المبذولة من قبل وزارته.

فالمغرب، حسب المعطيات الرسمية الذي كشف عنها، يتوفر اليوم على 11 مستشفى للأمراض النفسية، و32 مصلحة للطب العقلي، و26 مركزاً لمعالجة الإدمان، فضلاً عن إدماج العيادات النفسية في 83 مؤسسة للرعاية الصحية الأولية.

ومع ذلك، تبدو هذه الأرقام هزيلة مقارنة مع الحاجة الماسة لخدمات الصحة النفسية، حسب انتقادات الحاضرين في قبة البرلمان، خاصة في ظل ارتفاع عدد المرضى الذين تجاوزوا 250 ألف شخص تم التكفل بهم سنة 2023.

ورغم الإعلان عن تخصيص 108 مناصب جديدة خلال سنتي 2023/2024 لتعزيز الموارد البشرية، يبقى السؤال الملح: هل تكفي هذه الخطوة لسد العجز الكبير في الأطر الطبية المتخصصة؟ التهراوي نفسه يعترف بوجود اختلالات بنيوية تتطلب أكثر من مجرد تعيينات جديدة.

لمواجهة هذه التحديات، أكد التهراوي، أن وزارة الصحة على إعداد مخطط استراتيجي جديد يأخذ بعين الاعتبار التوصيات الواردة في تقرير المجلس الأعلى للحسابات، بالإضافة إلى المعايير التقنية لمنظمة الصحة العالمية.

ويتضمن هذا المخطط، حسب المتحدث ذاته، إصلاحاً قانونياً لمنظومة الصحة النفسية، إذ سيتم إعادة النظر في التشريعات الحالية التي تعود لعقود مضت ولم تعد تواكب التطورات الحديثة في هذا المجال.

كما يسعى المخطط، وفقا للمتحدث ذاته، إلى إنشاء نظام وطني للمراقبة والرصد، وتطوير مراكز متنقلة للصحة النفسية في الأقاليم التي تعاني من نقص حاد في هذا النوع من الخدمات.

لكن المثير للقلق هو غياب خطة وقائية واضحة للتعامل مع الصدمات النفسية وحالات الانتحار، خصوصاً في أوقات الأزمات والكوارث، حسب ما كشف عنه المجلس الأعلى للحسابات في وقت سابق.

وكشف تقرير المجلس عن هذا الخلل، مشيراً إلى غياب استراتيجيات محددة لحماية الفئات الهشة مثل الأطفال والمراهقين وكبار السن.

آخر الأخبار