الدار البيضاء تمر للسرعة القصوى لإنهاء التجمعات السكنية العشوائية

الكاتب : انس شريد

13 فبراير 2025 - 10:30
الخط :

تُواصل مدينة الدار البيضاء سباقها مع الزمن لإنهاء ظاهرة السكن العشوائي والقضاء على "الكاريانات" التي لطالما شكلت نقطة سوداء في المشهد الحضري للعاصمة الاقتصادية.

هذا التوجه يندرج ضمن البرنامج الوطني للقضاء على السكن غير اللائق، الذي أصبح أكثر إلحاحًا بعد ضمان احتضان المغرب لمباريات كأس العالم 2030.

في هذا السياق، أطلقت السلطات المحلية بالدار البيضاء عمليات إفراغ وهدم موسعة، كان آخرها ما جرى في دوار الحاجة فاطنة بمنطقة عين الذئاب، حيث بدأت الجرافات في تحويل التجمعات السكنية العشوائية إلى ركام، وسط مشاعر مختلطة من سكان المنطقة الذين يرون منازلهم تنهار أمام أعينهم بعد عقود من السكن فيها.

هؤلاء السكان الذين قضوا ما يزيد عن أربعين عامًا في هذا المكان وجدوا أنفسهم في حالة حيرة وقلق، رغم الوعود بمنحهم مساكن بديلة في إطار مشروع إعادة الإيواء.

وتأتي هذه العمليات ضمن مخطط أوسع يستهدف العديد من الأحياء الصفيحية في المدينة، حيث شهدت مناطق مثل الهراويين وسيدي البرنوصي عمليات ترحيل شاملة، إذ تم تفكيك كاريانات معروفة مثل دوار أولاد ملوك و"الحلحال"، إضافة إلى إزالة كاريان "ضاي ضاي" الذي يُعتبر من أقدم التجمعات العشوائية في المدينة.

كما شهدت أحياء صفيحية أخرى، مثل "دوار المخازنية" في حي العنق و"كاريان الواسطي"، وغيرها عمليات ترحيل ناجحة إلى حد كبير، بعد هدم البنايات العشوائية.

وتشمل الخطط المستقبلية ترحيل سكان دوار "بيه" في عين السبع، الذي يُعدّ من بين أكبر الأحياء الصفيحية المتبقية، حيث يتابع والي الجهة هذا الملف عن كثب لضمان نجاح العملية.

كما من المرتقب أن تشهد عدد من الدواوير والتجمعات العشوائية، خلال الأسابيع المقبلة عمليات هدم واسعة، كإجراء لإنهاء مظاهر البداوة بالعاصمة الاقتصادية.

رغم أن هذه التدخلات تهدف إلى تحسين الظروف المعيشية للسكان من خلال منحهم شققًا في مجمعات سكنية مهيكلة، إلا أن تنفيذها يواجه بعض التحديات، أبرزها مخاوف السكان من عدم تحقيق وعود الاستفادة بشكل عادل ومنصف.

لذا، عقدت الجهات المسؤولة اجتماعات متكررة مع ممثلي الساكنة لبحث سبل تنفيذ الترحيل بكرامة وضمان حقوق المتضررين.

ويمثل هذا البرنامج استثمارًا ضخماً، إذ رُصدت له ميزانية تقارب 18.6 مليار درهم، بمساهمة من مجلس جهة الدار البيضاء-سطات ووزارة الاقتصاد والمالية ووزارة إعداد التراب الوطني، إلى جانب مساهمات المستفيدين أنفسهم.

وتعكس هذه الأرقام حجم الجهود المبذولة لإنهاء أزمة السكن العشوائي، خاصة وأن الدار البيضاء تحتضن وحدها نحو 63% من إجمالي سكان دور الصفيح على المستوى الوطني، وفق تصريحات رسمية سابقة لوزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير، فاطمة الزهراء المنصوري.

ومع استمرار عمليات الهدم والترحيل، يبقى التحدي الأكبر هو ضمان التنفيذ العادل لهذا المشروع، وتحقيق العدالة الاجتماعية لجميع الفئات المتضررة، حتى يصبح هذا التحول الحضري نموذجًا ناجحًا يعكس الوجه الحديث للدار البيضاء.

آخر الأخبار