بركة يفضح مستوردي الأكباش.. هل تحرم المضاربة المغاربة من فرحة عيد الأضحى؟

تشهد الأسواق المغربية ارتفاعًا حادًا في أسعار الأغنام قبل أشهر من عيد الأضحى، ما أثار قلقًا واسعًا بين المواطنين الذين يجدون أنفسهم أمام معضلة توفير ثمن الأضحية في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة.
ارتفاع الأسعار، الذي تجاوز بكثير القدرة الشرائية للطبقات المتوسطة والفقيرة، زاد من حجم الانتقادات الموجهة إلى المستوردين والوسطاء، حيث يشتكي المواطنون من غياب أي أثر ملموس للدعم الحكومي الذي قدمته السلطات لتخفيف العبء على الأسر المغربية.
في هذا السياق، هاجم نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، يوم أمس السبت، المضاربين في أسعار الأضاحي، متهمًا بعض المستوردين والتجار بالاستفادة من الدعم الحكومي دون أن ينعكس ذلك على المستهلك.
وخلال مهرجان خطابي بإقليم الجديدة، كشف بركة أن الحكومة قدمت دعمًا بقيمة 500 درهم عن كل كبش مستورد، ورغم ذلك تم إدخاله إلى المغرب بثمن 2000 درهم، قبل أن يصل إلى المستهلك بسعر 4000 درهم، وهو ما اعتبره دليلاً على استغلال الدعم لتحقيق أرباح غير مشروعة على حساب المواطن.
هذه التصريحات فجرت جدلاً واسعًا، حيث طالب العديد من المواطنين بتدخل حكومي أكثر صرامة لضبط الأسعار ووضع حد للمضاربة في السوق.
ورغم الإجراءات الاستثنائية التي أعلنتها الحكومة، بما في ذلك تعليق رسوم الاستيراد والإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة، لم تنجح هذه التدابير في كبح ارتفاع الأسعار.
وتشير المعطيات الرسمية إلى أن القطيع الوطني من الماشية شهد تراجعًا بنسبة 38% مقارنة بعام 2016، وهو ما ساهم في تفاقم الأزمة ورفع الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة.
وفي محاولة للتخفيف من هذا الوضع، أعلنت وزارة الفلاحة والصيد البحري عن استيراد آلاف رؤوس الأغنام والأبقار لتعزيز العرض في الأسواق، غير أن هذه الخطوة لم تنجح في تهدئة المخاوف، خاصة أن الفجوة بين أسعار البيع من المجازر وأسعار التجزئة لا تزال تعكس وجود هوامش ربح مرتفعة يستفيد منها الوسطاء.
في ظل هذه الأزمة، يتجدد الجدل حول إمكانية تعليق شعيرة ذبح الأضاحي في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، وهو نقاش بدأ يكتسب زخمًا مع تزايد الضغوط المعيشية على الأسر المغربية.
وبينما يرى البعض أن تعليق الذبح قد يكون حلًا مؤقتًا لتخفيف الأعباء المالية على المواطنين، يرفض آخرون هذا الطرح، معتبرين أن الأمر يتعلق بعادة دينية واجتماعية مترسخة لا يمكن المساس بها.
الحكومة من جهتها لم تصدر أي موقف رسمي بخصوص هذا الاقتراح، لكن وزير الفلاحة والصيد البحري أكد مؤخرا، أن المسألة ليست من اختصاص وزارته، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن نقص أعداد الماشية أثر بشكل كبير على أسعار اللحوم في السوق المحلية.
وأقر بأن انخفاض أعداد الماشية أثر بشكل كبير على إنتاج اللحوم، حيث تراجع عدد الذبائح من 230 ألف رأس إلى 140 ألفًا، مما اضطر الحكومة إلى تعزيز الاستيراد لتغطية العجز.
وأوضح أن الحكومة اتخذت إجراءات استثنائية في قانون المالية لسنة 2025، تضمنت تعليق رسوم الاستيراد والإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة، في محاولة لضبط الأسعار وتحقيق التوازن في السوق.
وأضاف ذات المتحدث، أنه لحد الآن تم استيراد 21,800 رأس من الأبقار، و124,000 رأس من الأغنام، و704 أطنان من اللحوم الحمراء.
وكشف البراوي عن برنامج شامل لدعم قطاع الإنتاج الحيواني، يشمل تحسين التغذية الحيوانية عبر توفير 18 مليون قنطار من الأعلاف، والتأطير التقني لتعزيز إنتاجية الأغنام والماعز والأبقار، إضافة إلى برامج لدعم تربية المواشي في المناطق الهشة، مع التركيز على الحفاظ على إناث القطيع لإعادة تكوينه على المدى الطويل.
كما تم الإعلان، حسب ذات المتحدث، عن مبادرة تستهدف الشباب القروي لدعم مشاريعهم في مجال تربية المواشي، بهدف خلق فرص اقتصادية جديدة في هذا القطاع الحيوي.
ومع اقتراب شهر رمضان، تتزايد المخاوف من استمرار موجة الغلاء، حيث يتوقع مراقبون أن تعرف أسعار اللحوم ارتفاعًا إضافيًا، ما قد يزيد من معاناة الأسر المغربية.
في المقابل، يطالب مواطنون بمزيد من الرقابة على الأسواق، وتشديد العقوبات على المضاربين، مع تقديم دعم مباشر للمستهلكين بدل الاكتفاء بدعم الاستيراد الذي لم يحقق النتائج المرجوة.